ونقصه فيه، ألا ترى أنه يصوم اليوم من شهر رمضان ثم يفطر وقد كمل اليوم وخرج من صومه ثم يدخل في آخر فلو أفسده لم يفسد الذي قبله والحج متى أفسد عندهم قبل الزوال من يوم عرفة فسد كله، وإن كان قد مضى كثير من عمله، مع أن هذا القول خطأ من غير وجه، الذي يقيسه بالحج يزعم أن المجامع في الحج تختلف أحكامه فيكون عليه شاة قبل عرفة ويفسد حجه، وبدنة إذا جامع بعد الزوال ولا يفسد حجه وهذا عنده في الصوم لا يختلف في أول النهار وآخره إنما عليه رقبة فيهما ويفسد صومه فيفرق بينهما في كل واحدة منهما ويفرق بينهما في الكفارتين (5) ويزعم أنه جامع يوما ثم كفر ثم جامع يوما آخر ثم كفر وهو لو كفر عنده في الحج عن الجماع ثم عاد لجماع آخر لم يعد الكفارة فإذا قيل له: لم ذلك؟ قال الحج واحد وأيام رمضان متفرقة، قلت: فكيف تقيس أحدهما بالآخر وهو يجامع في الحج فيفسده ثم يكون عليه أن يعمل عمل الحج وهو فاسد وليس هكذا الصوم ولا الصلاة؟ (قال الشافعي) فإن قال قائل منهم فأقيسه بالكفارة قلنا: هو من الكفارة أبعد، الحانث يحنث غير عامد للحنث فيكفر ويحنث عامدا فلا يكفر عندك (1) وأنت إذا جامع عامدا كفر وإذا جامع غير عامد لم يكفر فكيف قسته بالكفارة والمكفر لا يفسد عملا يخرج منه ولا يعمل بعد الفساد شيئا يقضيه إنما يخرج به عندك من كذبة حلف عليها وهذا يخرج من صوم ويعود في مثل الذي خرج منه (قال الشافعي) ولو جامع صبية لم تبلغ أو أتى بهيمة فكفارة واحدة ولو جامع بالغة كانت كفارة لا يزاد عليها على الرجل، وإذا كفر أجزأ عنه وعن امرأته وكذلك في الحج والعمرة وبهذا مضت السنة ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل تكفر المرأة وأنه لم يقل في الخبر في الذي جامع في الحج تكفر المرأة (قال الشافعي) فإن قال قائل: فما بال الحد عليها في الجماع ولا تكون الكفارة عليها؟ قيل الحد لا يشبه الكفارة، ألا ترى أن الحد يختلف في الحر والعبد والثيب والبكر ولا يختلف الجماع عامدا في رمضان مع افتراقهما في غير ذلك فإن مذهبنا وما ندعى إذا فرقت الاخبار بين الشئ أن يفرق بينه كما فرقت (قال الشافعي) وإن جامع في قضاء رمضان أو صوم كفارة أو نذر فقد أفسد صومه ولا كفارة عليه ولكن يقضى يوما مكان يومه الذي جامع فيه (قال الشافعي) وهكذا قال بعض الناس وهذا كان عندنا أولى أن يكفر لان البدل في رمضان يقوم مقامه فإذا اقتصر بالكفارة على رمضان لأنها جاءت فيه في الجماع ولم يقس عليه البدل منه فكيف قاس عليه الطعام والشراب ولم تأت فيه كفارة؟ (قال الشافعي) وإن جامع ناسيا لصومه لم يكفر وإن جامع على شبهة مثل أن يأكل ناسيا فيحسب أنه قد أفطر فيجامع على هذه الشبهة فلا كفارة عليه في مثل هذا (قال الشافعي) وهذا أيضا من الحجة عليهم في السهو في الصلاة إذ زعموا أن من جامع على شبهة سقطت عنه الكفارة فمن تكلم وهو يرى أن الكلام في الصلاة كان له مباحا أولى أن يسقط عنه فساد صلاته (قال الشافعي) وإن نظر فأنزل، من غير لمس ولا تلذذ بها فصومه تام لا تجب الكفارة في رمضان إلا بما يجب به الحد أن يلتقى الختانان، فأما
(١٠٩)