فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وما ذاك؟ " قال: أصبت أهلي في رمضان وأنا صائم " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ " قال: لا، قال " فهل تستطيع أن تهدى بدنة؟ " قال: لا، قال " فاجلس " فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال: " خذ هذا فتصدق به " فقال " ما أجد أحدا أحوج منى " قال " فكله وصم يوما مكان ما أصبت " قال عطاء فسألت سعيدا كم في ذلك العرق؟ قال: ما بين خمسة عشر صاعا إلى عشرين (قال الشافعي) وفى حديث غير هذا " فأطعمه أهلك " (قال الشافعي) فبهذا كله نأخذ يعتق فإن لم يقدر صام شهرين متتابعين فإن لم يقدر أطعم ستين مسكينا (قال الشافعي) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " كله وأطعمه أهلك " يحتمل معاني، منها أنه لما كان في الوقت الذي أصاب أهله فيه ليس ممن يقدر على واحدة من الكفارات تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بأن قال له في شئ أتى به: كفر به، فلما ذكر الحاجة ولم يكن الرجل قبضه قال " كله وأطعمه أهلك " (1) وجعل له التمليك حينئذ ويحتمل أن يكون ملكه فلما ملكه وهو محتاج كان إنما يكون عليه الكفارة إذا كان عنده فضل فلم يكن عنده فضل فكان له أكله هو وأهله، ويحتمل في هذا أن تكون الكفارة دينا عليه متى أطاقها أو شيئا منها وإن كان ذلك ليس في الخبر وكان هذا أحب إلينا وأقرب من الاحتياط، ويحتمل أن كان لا يقدر على شئ من الكفارات فكان لغيره أن يكفر عنه وأن يكون لغيره أن يضعه عليه وعلى أهله إن كانوا محتاجين (2) ويجزى عنهم ويحتمل أن يكون إذا لم يقدر في حاله تلك على الكفارة أن تكون الكفارة ساقطة عنه إذا كان مغلوبا كما تسقط الصلاة عن المغمى عليه إذا كان مغلوبا والله أعلم، ويحتمل إذا كفر أن تكون الكفارة بدلا من الصيام ويحتمل أن يكون الصيام مع الكفارة ولكل وجهة (قال) وأحب أن يكفر متى قدر وان يصوم مع الكفارة (قال الشافعي) وفي الحديث ما يبين ان الكفارة مد (3) لا مدين (قال الشافعي) وقال بعض الناس مدين وهذا خلاف الحديث والله أعلم (قال الشافعي) (4) وإن جامع يوما فكفر ثم جامع يوما فكفر وكذلك إن لم يكفر فلكل يوم كفارة لان فرض كل يوم غير فرض الماضي (قال الشافعي) وقال بعض الناس: إن كفر ثم عاد بعد الكفارة كفر، وإن لم يكفر حتى يعود فكفارة واحدة ورمضان كله واحد (قال الشافعي) فقيل لقائل هذا القول ليس في هذا خبر بما قلت والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر رجلا مرة بكفارة وفى ذلك ما دل عندنا والله أعلم على أنه لو جامع يوما آخر أمر بكفارة لان كل يوم مفروض عليه فإلى أي شئ ذهبت؟ قال: ألا ترى أنه لو جامع في الحج مرارا كانت عليه كفارة واحدة؟ قلنا: وأي شئ الحج من الصوم؟ الحج شريعة، والصوم أخرى، قد يباح في الحج الأكل والشرب ويحرم في الصوم ويباح في الصوم اللبس والصيد والطيب ويحرم في الحج (قال الشافعي) والحج إحرام واحد ولا يخرج أحد منه إلا بكماله وكل يوم من شهر رمضان كماله بنفسه
(١٠٨)