من الميت؟
أسألت نفسك أين ذهبت كل تلك الأمم السالفة وأجيالها المتعاقبة يوم (أصبحت مساكنهم أجداثا، وأموالهم ميراثا، لا يعرفون من آثارهم، ولا يحفلون من بكاهم، ولا يجيبون من دعاهم).
فكم.. و (كم تركوا من جنات وعيون - وزروع ومقام كريم - ونعمة كانوا فيها فاكهين - كذلك وأورثناها قوما آخرين).
ثم أين ذهب من تعرف ممن ذهب؟
أين آباؤك السابقون، وأجدادك الماضون.. أين فلان.. أين فلان.. أين فلان..؟! لقد (استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا، وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة).
ثم أنشد أبي:
كلنا في غفلة والموت يغدو ويروح نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح لست بالباقي ولو عمرت ما عمر نوح وران صمت كثيف على وجهه كانت الدقائق تمر عليه ثقيلة بطيئة متأنية كمن يعيد ترتيب صورة ما في ذهنه، أو يعيد تجميع شئ متناثر هنا وهناك في ذاكرته حتى قطع صوته حبل ذلك الصمت قائلا:
رحمك الله يا أبا الحسن يوم قلت قبل ساعة موتك: (أنا بالأمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم، وغدا مفارقكم، ليعظكم