والحكم المذكور هو ما تقتضيه القواعد الثابتة في الشريعة، وتدل عليه النصوص الآمرة بحفظ مال المفقود الذي لا يدري من عليه الحق أين يطلبه، ولا يدري أحي هو أم ميت، ولا يعرف له وارثا ولا نسبا ولا ولدا، والدالة على وجوب طلبه مهما طالت المدة، والنصوص الأخرى الدالة على ذلك، وعلى لزوم الوصية به إذا خاف من بيده المال من حدوث حدث عليه، والنصوص الواردة في رجل يموت ويبقى له مال عند أحد، ولم تعرف له ورثة ولا قرابة حيث دلت على أن المال يحفظ ويترك على حاله حتى يجئ له طالب، وحتى الروايات الدالة على أن مال الرجل المفقود إذا كان له ورثة ملاء بماله اقتسموه بينهم، فإذا هو جاء ردوا المال عليه، فإن ظاهر هذه الروايات إن ذلك نوع من الايتمان على المال لصاحبه والحفظ له حتى يعلم حاله وليس من قسمة المواريث المألوفة.
[المسألة 278:] إذا فقد الشخص لبعض الطوارئ التي أوجبت فقده، كغيبة في سفر طويل، أو حدوث حادثة غرق أو غزوة، أو قتال أو ما يشبه ذلك، حتى انقطع خبره فلم يعلم أنه حي بعدها أم ميت، وجب التربص والانتظار في تركته مدة أربع سنين كاملة يفحص فيها عن المفقود في الأطراف والنواحي التي يحتمل وجوده فيها على النحو الذي تقدم تفصيله في المسألة المائة والعشرين من كتاب الطلاق في حكم زوجة المفقود، فإذا انقضت مدة التربص كلها وتم الطلب والفحص فيها عن المفقود على الوجه الذي بيناه هناك ولم يستبن له خبر ولم تعلم له حال حكم بموته شرعا، وقسمت تركته على وارثيه الموجودين في ذلك الحين، ولا يستحق الوارث الذي مات في أيام فقد الرجل قبل مدة التربص أو مات في أثناء المدة وقبل تمام الفحص، فلا يرث من تركة المفقود شيئا.
[المسألة 279:] إذا انتهت المدة المضروبة للتربص، وتم الفحص في جميع المدة على الوجه المطلوب، ثم مات بعض أقارب المفقود بعد ذلك لم يرث المفقود من تركته شيئا، وإذا مات قريبه في أثناء المدة وقبل أن يتم الفحص ورث المفقود نصيبه من تركة ذلك القريب.