القابل بقوله: قبلت، إنه ينشئ قبول هذه العلاقة التي ينشئها الموجب، وهذا يتوقف على أن يكون الشخصان عارفين بمعنى الصيغة حتى يقصداه، ويكفي في الصحة أن يعلم الموجب والقابل بالمعنى على وجه الاجمال، وإن لم يعلما بتفاصيل معاني الألفاظ وخصوصياتها التي تدل عليها، فإذا قصد الموجب بقوله: زوجت أو أنكحت أنه يوجد بذلك الرابطة المعلومة في الدين، والمعروفة بين الناس، والتي يسمونها بالزوجية، وأنه ينشئ وجودها بين الزوجين بعدما لم تكن، طبقا لموازين الاسلام المقررة فيه، كفى ذلك وصح منه ايجابه، وإذا قصد القابل بقوله: قبلت أو رضيت أنه ينشئ به قبول ما فعله الموجب، كفى منه وصح قبوله، وبتطابق كل من الايجاب والقبول كذلك يتم العقد وتترتب عليه آثاره.
[المسألة 59:] يشترط في صحة العقد أن تحصل الموالاة العرفية بين الايجاب والقبول بحيث يعد الثاني قبولا لذلك الايجاب في نظر أهل العرف، فلا يخل بالموالاة وبصحة العقد أن يتأخر القبول قليلا إذا كان مرتبطا به عرفا، ولا يخل بالموالاة بينهما أن تذكر المتعلقات الكثيرة في الايجاب وإن طال ذكرها، ومثال ذلك: أن يكون المهر منه المعجل والمؤجل ويكون المؤجل مقسما على أقساط كثيرة، وتكون بين الزوجين شروط كثيرة كذلك، فإذا عدد الموجب جميع ذلك في ايجابه ثم وقع بعده القبول لم يكن ذلك من الفضل المضر بالموالاة والمخل بصحة العقد.
[المسألة 60:] المعتبر في القبول أن يكون دالا على إنشاء الرضا بما أوجبه الموجب من المضمون المقصود كما تقدم بيانه وهذا المقدار هو المعتبر من التطابق بين الايجاب والقبول، ولا يشترط فيه أن يتطابق مع الايجاب في اللفظ، فإذا قال الموجب للرجل: زوجتك فلانة، فقال الرجل: قبلت النكاح صح، وكذا إذا قال الموجب له: أنكحتك زينب على المهر المعلوم، فقال: رضيت بزواجها على الصداق المعين أو المقرر أو المذكور.