مسألة 4: مطالبة الشفيع على الفور فإن تركها مع القدرة عليها بطلت شفعته وبه قال أبو حنيفة.
وهو أصح أقوال الشافعي، وهو الذي نقله المزني، وله ثلاثة أقوال أخر غير هذا.
أحدها: الذي يرويه الطحاوي عن المزني عنه، أن الشفيع بالخيار ثلاثا، فإن مضت ثلاثة بطل خياره. وبه قال ابن أبي ليلى والثوري.
ونص في القديم على قولين:
أحدهما: خياره على التراخي لا يسقط إلا بصريح العفو، فيقول: عفوت أو يلوح به بأن يقول للمشتري: بعني الشقص أو هبه لي فإن فعل شيئا من هذا وإلا كان للمشتري أن يرافعه إلى الحاكم، فيقول: إما أن تأخذ أو تدع.
وهو ظاهر قول مالك، لأنه قال: له الخيار ما لم يتطاول الوقت. فقيل له:
إذا مضت سنة فقد تطاول الوقت، فقال: ما أظنه تطاول.
والثاني أنه على التأبيد كالقصاص، حتى قال: لا يملك المشتري مرافعته إلى الحاكم، بل الخيار إليه، ولا اعتراض عليه.
قال ابن المنذر: وبهذا القول قال جماعة من أهل العلم، فيكون على القول الثالث يملك مطالبة الشفيع بالشفعة، أو الأخذ، وعلى الرابع لا يملك.
دليلنا على ما قلناه: إجماع الفرقة أنه يملك فيه المطالبة، وما عداه ليس عليه دليل.
مسألة 5: الشفعة لا تبطل بالغيبوبة، بل للغائب شفعة. وبه قال جميع الفقهاء.
وحكي عن النخعي أنه قال: الشفعة تبطل بالغيبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، ولأن إبطالها بالغيبة يحتاج إلى دلالة، وليس في الشرع ما يدل عليه.