ثم بالجوار بيان هذا: إن كان شريكا في المبيع فهو أحق من الشريك في الطريق، وإن كان شريكا في الطريق فهو أحق وإن لم يكن شريكا في المبيع.
مثل: إن كان الدرب لا ينفذ وفيه دور كثيرة، فإن الطريق مشترك بين أهله، فإن باع صاحب الصدر داره - وذلك في آخر الدرب - فالشفعة للذي يليه، فإن ترك فللذي يليه ابدأ من الجانبين كذلك إلى آخر الدرب.
فإن لم يبق في أهل الدرب من يريد الشفعة كانت للجار اللزيق الذي ليس بشريك في الطريق - وهو الذي في ظهر داره إلى درب غير هذا الدرب - فإن ترك هذا الشفيع الشفعة فلا شفيع هناك.
وإن كان الدرب نافذا، فالشفعة للجار اللزيق فقط، سواء كان باب داره في هذا الدرب أو في غيره، فإذا كان محاذيا في درب نافذ وعرض الطريق ذراع فلا شفعة. وهاهنا قال الشافعي: منعت من بينك وبينه ذراع وأعطيت من هو منك على ألف ذراع، وهذا التفصيل يبين فيه مواضع المعاني.
دليلنا: أخبارنا التي ذكرناها في كتابنا الكبير، وإجماع الفرقة عليها.
وأيضا فما قلناه مجمع على ثبوت الشفعة فيه، وما قالوه ليس عليه دليل.
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
وروى أبو هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة فيما لم يقسم، وأي مال اقتسم وأرف عليه فلا شفعة فيه.
ومعنى أرف عليه: أي أعلم عليه. قال أبو عبيد: يقال أرفتها تأريفا: أي أعلمت عليها علامات، وهي لغة أهل الحجاز.
وأما الذي يدل على أن الشفعة بالطريق تثبت فإجماع الفرقة.
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا.