بواجب بل يستحب ذلك، وهو الأقوى، لأن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على وجوب أخذها، وقد روى أصحابنا كراهية أخذها مطلقا.
وقد قال بعضهم: يحتاج أن يعرف من اللقطة ستة أشياء: أحدها وعاؤها، والثاني عفاصها، والثالث وكاؤها، والرابع جنسها، والخامس قدرها، والسادس أن يشهد عليها.
فالوعاء " الظرف " والوكاء " الخيط الذي يشد به من سير أو خيط " والعفاص " الجلد الذي يشد به رأس القارورة " والذي يشد به رأسها يقال له " ضمام " فالعفاص الذي يكون فوق الضمام وهي مثل الوعاء، وجنسها " أن يعرفها دراهم أو دنانير أو ثياب " وقدرها " عددها ".
والإشهاد، في الناس من قال: إنه واجب، والآخر: أنه استحباب، وهو الأقوى لأن اللقطة أمانة، والأمين لا يلزمه الإشهاد.
فإذا ثبت هذا ووجد لقطة نظرت: فإن أراد حفظها على صاحبها لا يلزمه أن يعرف، لأن التعريف إنما يكون ليتملك، فأما إذا أراد أن يتملك فيلزمه أن يعرف سنة بالإجماع، فإن عرفها سنة متوالية فإنه أتى بما عليه وإن عرف ستة أشهر ثم ترك التعريف فهل يستأنف أو يبني؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يستأنف، والثاني يبني عليها، وهو الأقوى، لأنه ليس في الخبر أكثر من أن يعرف سنة، ولم يقل متوالية أو متواترة.
فإذا ثبت ذلك فالكلام في ثلاثة أشياء: أحدها وقت التعريف، والثاني كيفية التعريف، والثالث زمان التعريف:
فأما وقت التعريف فإنه يعرف بالغداة والعشي وقت بروز الناس، ولا يعرف بالليل، ولا عند الظهيرة والهاجرة التي يقيل فيه الناس.
وأما كيفية التعريف فإنه يقول: من ضاع له لقطة؟ أو يقول: من ضاع له دينار أو دينارين أو درهم أو دراهم؟ أو يقول مبهما ولا يفسره، وهو الأحوط لأنه ربما طرح عليه إنسان علامة.