الحاضر إلا برضا الخصم، ولا يجوز القضاء على الغائب.
وهذا عندنا جائز على ما بيناه، لأنا لا نعتبر رضا الخصم، ويجوز القضاء على الغائب، وقد مضى الكلام في جواز وكالة الحاضر وإن لم يرض الخصم، وسيجئ الكلام في القضاء على الغائب في موضعه.
مسألة 3: إذا عزل الموكل وكيله عن الوكالة في غيبة من الوكيل، فلأصحابنا فيه روايتان:
إحديهما: أنه ينعزل في الحال وإن لم يعلم الوكيل، وكل تصرف يتصرف فيه الوكيل بعد ذلك يكون باطلا. وهو أحد قولي الشافعي، أو أحد وجهيه.
والثانية: أنه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك، وكلما يتصرف فيه يكون واقعا موقعه إلى أن يعلم، وهو قول الشافعي الآخر. وبه قال أبو حنيفة.
دليلنا على ذلك: أخبار الطائفة، وهي مختلفة، وقد ذكرناها في الكتابين المتقدم ذكرهما.
ومن راعى العلم، استدل على ذلك، بأن قال: أن النهي لا يتعلق به حكم في حق المنهي، إلا بعد حصول العلم به.
وهكذا أبواب نواهي الشرع كلها، ولهذا لما بلغ أهل قبا أن القبلة قد حولت إلى الكعبة وهم في الصلاة داروا وبنوا على صلاتهم، ولم يؤمروا بالإعادة، فكذلك نهى الموكل وكيله عن التصرف ينبغي أن لا يتعلق به حكم في حق الوكيل إلا بعد العلم، وهذا القول أقوى من الأول، وقد رجحناه في الكتابين.
مسألة 4: إذا وكل رجل رجلا في الخصومة عنه، ولم يأذن له في الإقرار، فأقر على موكله بقبض الحق الذي وكل في المخاصمة فيه، لم يلزمه إقراره عليه بذلك، سواء كان في مجلس الحكم أو في غيره. وبه قال مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، وزفر.