والإجماع ثابت على أن الغصب حرام.
فإذا ثبت تحريم الغصب فالأموال على ضربين: حيوان أو غير حيوان.
فأما غير الحيوان فعلى ضربين: ماله مثل ومالا مثل له.
فما له مثل ما تساوت أجزاؤه، ومعناه تساوت قيمة أجزائه فكل هذا له مثل كالحبوب والأدهان والتمور والأقطان والخلول التي لا ماء فيها والأثمار ونحو هذا كله له مثل، فإذا غصب غاصب من هذا شيئا فإن كان قائما رده وإن كان تالفا فعليه مثله، لقوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "، ولأن مثله يعرف مشاهدة وقيمته تعرف بالاجتهاد، وما يعلم يقدم على ما يجتهد فيه، ولأنه إذا أخذ المثل أخذ وفق حقه، وإذا أخذ القيمة ربما زاد أو نقص فكان المثل أولى.
فإذا ثبت أنه يضمن بالمثل فإن كان المثل موجودا طالبه به واستوفاه، وإن أعوز المثل طالبه بقيمته، فإن لم يقبض القيمة بعد الإعواز، حتى مضت مدة يختلف فيها القيمة طالبه بقيمته حين القبض لا حين الإعواز، فإن كان الحاكم قد حكم عليه بقيمته حين الإعواز فتأخر القبض لم يكن له إلا قيمته يوم القبض، ولا يلتفت إلى حكم الحاكم لأن الذي في ذمته المثل، وحكم الحاكم لا يؤثر فيما يتعلق بالذمة، هذا إذا كانت العين تالفة.
فأما إذا جنى عليها جناية فنقص منها شئ أو غصب طعاما أو تمرا فتسوس كان عليه أرش ما نقص، ولا يجب عليه المثل لأنه لا مثل لما نقص وكان الضمان بالأرش.
فإن غصب ما لا مثل له، ومعناه ما لا يتساوى أجزاؤه أي لا يتساوى قيمة أجزائه فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون من جنس الأثمان أو من غير جنسها، فإن كان من غير جنسها كالثياب والخشب والحديد والرصاص والنحاس والعقار ونحو ذلك من الأواني كالصحاف وغيرها، فكل هذا وما في معناه مضمون بالقيمة، فإذا ثبت أنه مضمون بالقيمة، فإذا تلف كان عليه قيمته، فإن