أطلق رد الرجال ولم يفصل كان الصلح باطلا فاسدا لأنه صلح على ما لا يجوز، لأن إطلاقه يقتضي رد الجميع وذلك باطل، فإذا بطل الصلح لم نرد من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة، ولا يرد البذل عنها بحال لأن البذل استحق بشرط وهو مفقود هاهنا كما لو جاءنا من غير هدنة.
وإذا رد من له عشيرة فمعنى الرد أن لا يكرهه على الرجوع ولا يمنعه إن اختار ذلك، فيقول: لك في الأرض مراغم كثيرا وسعة، ولا يمنع منه من جاء ليرده، ويوصيه أن يهرب، فإذا هرب منهم ولم يكن في قبضة الإمام لم يتعرض له، فإن أبا بصير جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فرده فهرب منهم وأتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: وفيت لهم ونجاني الله منهم، فلم يرده ولم يعب ذلك عليه وتركه، وكان في طريق الشام يقطع على قريش حتى سألوا النبي صلى الله عليه وآله أن يضمه إليه.
فإن قدم علينا مملوك لهم مسلما صار حرا، فإن جاء سيده يطلبه لم يجب رد ثمنه لأنه صار حرا بالإسلام ولا دليل على وجوب رد ثمنه، فإن جاء صغير فوصف الإسلام لم يرد لجواز أن يقيم على وصفه بعد البلوغ، وكذلك إن كان عندنا لم يرد إليهم بل يترك الصبي حتى يبلغ، فإن وصف الإسلام وإلا أمرنا بالانصراف، وهكذا المجنون بعد الإفاقة سواء.
لا يجوز لأحد أن يعقد عقد الهدنة والكف عن القتال لأهل إقليم أو صقع من الأصقاع إلا الإمام أو من يقوم مقامه بأمره، وأما عقد الأمان لآحادهم والنفر اليسير منهم فإنه يجوز لآحاد المسلمين على ما مضى في كتاب الجهاد.
فإن خالف غير الإمام من آحاد الأمة وعقد الهدنة لإقليم كانت الهدنة باطلة، فكل من جاءنا بعد ذلك كان بمنزلة من جاء منهم وليس بيننا وبينهم عقد.
وإذا عقد الإمام الهدنة إلى مدة ومات وقام غيره مقامه لم يكن له نقض تلك الهدنة إلى انقضاء مدتها.
إذا نزل الإمام على بلد وعقد معهم صلحا على أن يكون البلد لهم ويضرب