القود والحد، فإن أصحابنا رووا أن إسلامه لا يسقط عنه الحد، وإن أسلم بعد أن استرقه الإمام لم ينفعه إسلامه.
وينبغي للإمام أن يشرط على أهل الذمة أنهم يفرقون بين لباسهم ولباس المسلمين بفرق ظاهر يعرفون به يكون مخالفا للبسهم على حسب ما يراه من المصلحة في الحال، فإن ألزمهم أن يلبسوا الملون جاز، ويأخذهم بشد الزنانير في أوساطهم، فإن كان عليه رداء شده فوق جميع الثياب وفوق الرداء لكي لا يخفى الزنار، ويجوز أن يلبسوا العمامة والطيلسان لأنه لا مانع من ذلك، فإن لبسوا قلانس شدوا في رأسها علما ليخالف قلانس القضاة، وإن رأى أن يختم في رقابهم نحاسا أو رصاصا أو جرسا جاز.
وكذلك ينبغي أن يأمر نساءهم بلبس شئ يفرق بينهن وبين المسلمات من شد الزنار وتجنب الإزار وتغير أحد الخفين - بأن يكون أحدهما أحمر والآخر أبيض - وتجعل في رقبتها خاتما لتعرف به إذا دخلت الحمام. وجملته أن ذلك من رأي الإمام واجتهاده ولا نص لنا في شئ من ذلك بل يفعل من ذلك ما يراه، روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في أهل الذمة: لا تبدأوهم بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطرق.
وإذا عقد الإمام الذمة وعرف مبلغها كتب أسماءهم وأنسابهم وأديانهم ويكتب حلاهم لئلا يشكل الأمر عليه فيدلسوا، فإذا فعل ذلك، فإن أراد أن يعرف على كل عدد عريفا على ما يراه من عشرة وعشرين يرعى أمورهم ويضبط من يدخل في الجزية ومن يخرج عنها فعل، وإن تولاها بنفسه جاز.
ومتى مات الإمام وقام بعده غيره، فإن كان الأول أقر أهل الذمة على أمر معلوم مدة معلومة أمضاه ولم يكن له نقضه، وإن لم يكن ذلك أو لم يثبت عنده ابتدأهم بعقد الذمة، وإن كان عقد الأول وثبت فإذا انقضت المدة كان له أن يستأنف عقدا آخر بزيادة أو نقصان على ما يراه من المصلحة، وإن كان الإمام الأول عقد لهم الذمة على التأبيد انعقد ولم يكن للثاني تغيير شئ منه.