حتى أمر ببيعهم، والأحوط أن لا ينزلهم فيها، وهذا الفعل من النبي صلى الله عليه وآله كان في صدر الإسلام قبل نزول الآية التي تلوناها.
كل مشرك ممنوع من الاستيطان في حرم الحجاز من جزيرة العرب، فإن صولح على أن يقيم بها ويسكنها كان الصلح باطلا لما روى ابن عباس، قال:
أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أشياء فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالث وقال:
أنسيتها، وهي مسألة إجماع.
والمراد بجزيرة العرب الحجاز لا جزيرة العرب كلها، لأنه لا خلاف أنهم لا يخرجون من اليمن وهي من جزيرة العرب، قال الأصمعي: حد جزيرة العرب من عدن إلى ريف عبادان طولا، ومن تهامة وما والاها إلى أطراف الشام عرضا، وكذلك قال أبو عبيدة وغيره، وقال بعضهم: الحجاز مكة والمدينة واليمن ومخالفيها.
فأما دخولهم الحجاز لحاجة أو عابر سبيل فالحرم يمنعون من الاجتياز به بكل حال، وقيل: إن لهم دخوله للاجتياز والامتيار إليه بعد أن لا يقيموا فيها، والأول أقوى للآية.
فإن وافى ومعه ميرة بعث بها مع مسلم، وإن كان معه رسالة ورد بها خرج إليه مسلم فسمعها منه، وإن كان لا بد أن يشافه الإمام خرج إليه الإمام فسمعها منه، فإن خالف ودخل الحرم أخرج فإن عاد عزر، وإن مرض أخرج منه، وإن مات أخرج ودفن في الحل، فإن دفن فيه قيل: إنه ينبش ما لم يتقطع، والأولى تركه لأن النبش ممنوع منعا عاما. فإن أذن له الإمام في الدخول على عوض وافقه عليه جاز له ذلك ووجب عليه دفعه إليه، وإن كان خليفة الإمام ووافقه على عوض فاسد بطل المسمى ولزمه أجرة المثل.
فأما غير الحرم من الحجاز فليس لأحد منهم دخوله بغير إذن الإمام ولا يحرم الاجتياز فيه لأنه لا دليل عليه، فإن اجتاز فيها لم يمكن من المقام فيها أكثر