الذمة يقتضي أن يكونوا في أمان من المسلمين والمسلمون في أمان منهم.
وأما ما فيه ضرر على المسلمين يذكر فيه ستة أشياء: أن لا يزني بمسلمة، ولا يصيبها باسم نكاح، ولا يفتن مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق، ولا يؤوي للمشركين عينا، ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتبه كتابا إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم.
فإن خالفوا شرطا من هذه الشرائط نظر، فإن لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد، لكن إن كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد وإن لم يوجبه عزر، وإن كان مشروطا عليه في عقد الذمة كان نقضا للعهد لأنه فعل ما ينافي الأمان.
فأما إذا ذكر الله تعالى أو نبيه بالسب فإنه يجب قتله ويكون ناقضا للعهد، وإن ذكرهما بما دون السب أو ذكر دينه وكتابه بما لا ينبغي، فإن كان قد شرط عليهم الكف عن ذلك كان نقضا للعهد، وإن لم يكن شرط عليهم لم يكن نقضا للعهد وعزروا عليه.
وأما ما فيه إظهار منكر في دار الإسلام ولا ضرر على المسلمين فيه فهو إحداث البيع والكنائس وإطالة البنيان وضرب النواقيس وإدخال الخنازير وإظهار الخمر في دار الإسلام، فكل هذا عليه الكف عنه سواء كان مشروطا أو غير مشروط فإن عقد الذمة يقتضيه، وإن خالفوا ذلك لم ينقض ذمته سواء كان مشروطا عليه أو لم يكن، لكن يعزر فاعله أو يحد إن كان مما يوجب الحد، وقد روى أصحابنا أنهم متى تظاهروا بشرب الخمر أو لحم الخنزير أو نكاح المحرمات في شرع الإسلام نقضوا بذلك العهد.
وكل موضع قلنا ينتقض عهدهم فأول ما يعمل به أن يستوفى منه بموجب الجرم، ثم بعد ذلك يكون الإمام بالخيار بين القتل والاسترقاق والمن والفداء، ويجوز له أن يردهم إلى مأمنهم من دار الحرب ويكونوا حربا لنا، فيفعل فيهم ما يراه صلاحا للمسلمين. وإن أسلم قبل أن يختار الإمام شيئا سقط عنه إلا ما يوجب