وإن كانوا متفاضلين في الجزية كانت الضيافة أيضا مثل ذلك ومبلغ الضيافة ثلاثة أيام - لما تضمنه الخبر - وما زاد عليه فهو مكروه.
وأما موضع النزول فينبغي أن يكون في فضول منازلهم وبيعهم وكنائسهم، ويؤمرون بأن يوسعوا أبواب البيع والكنائس لمن يجتاز بهم من المسلمين، وأن يعلوا أبوابها ليدخلها المسلمون ركبانا، فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء نزلوا في بيوت الفقراء ولا ضيافة عليهم، وإن لم يسعهم لم يكن لهم إخراج أرباب المنازل منها، فإن كثروا وقل من يضيفهم فمن سبق إلى النزول كان أحق به وأولى، وإن قلنا: يستعملون القرعة، كان أحوط، وكذلك إن جاؤوا معا أقرع بينهم، فإن نزلوا بعد ذلك بقوم آخرين من أهل الذمة قروا الذين لم يقروا، وينزل الذين قروا.
فإن مات الإمام قام غيره مقامه، ويثبت عنده مبلغ الجزية وما صولحوا عليه من الضيافة أقرهم على ما كانوا عليه ولم يغير عليهم إلا بعد انقضاء المدة، ثم له الخيار بعد ذلك ويثبت عنده ذلك بأن يوصي إليه الإمام المتقدم أو يشهد به مسلمان عدلان، فإن لم يوجد ذلك رجع إلى قولهم فما يخبرون به يعمل به، فإن كان له فيما بعد خلاف ما قالوا طالبهم بما مضى.
وقد بينا أن الجزية لا تؤخذ من المرأة، ولا جنون حتى يفيق، ولا مملوك حتى يعتق، فإذا ثبت أن المرأة لا جزية عليها، فإن أبقت من دار الحرب تطلب أن يعقد لها الذمة لتصير إلى دار الإسلام عقد لها الذمة بشرط أن يجري عليها أحكامنا، ولا يشرط عليها الجزية، ولا فضل بين أن تجئ وحدها أو معها غيرها، فإن بذلت الجزية وسألت عقد الذمة لها بالجزية عرفها الإمام أنه لا جزية عليها، فإن قالت: عرفت هذا غير أني أختار أن أؤدي، قبل ذلك منها ويكون هبة لا جزية، يلزم بالقبض وإن امتنعت قبل الإقباض لم تجبر عليه.
ولو أن أهل الدار من أهل الكتاب معهم النساء والصبيان، فامتنع الرجال من الصلح على غير الجزية وبذلوا أن يصالحوا على أن الجزية على النساء