والولدان لم يجز، لأن النساء والصبيان مال والمال لا تؤخذ منه الجزية، فإن صالحهم على ذلك بطل الصلح ولا يلزم النساء بشئ، فإن طلب النساء ذلك ودعوا إلى أن تؤخذ منهن الجزية ويكون الرجال في أمان لم تصح منهن الجزية.
فإن قتل الرجال وسألت النساء أن يعقد لهن ليكن ذميات في دار الإسلام عقد لهن بشرط أن تجري أحكامنا عليهن، وليس له سبيهن ولا أن يأخذ منهن شيئا، فإن أخذ شيئا رده، وقد قيل: إنه يحتال عليهن حتى يفتحوا فيسبين ولا يعقد لهن الأمان.
فأما المملوك فلا جزية عليه لقوله عليه السلام: لا جزية على العبيد، ولا يكون الإمام فيه بالخيار إذا وقع في الأسر بل يملك، فإن أعتق قيل له: لا تقر في دار الإسلام حولا بلا جزية، فإما أن يسلم أو يعقد الذمة.
وأما المجنون فلا جزية عليه لأنه غير مكلف، ثم ينظر في جنونه، فإن كان مطبقا فلا شئ عليه، وإن كان يجن في بعض الحول ويفيق في بعض حكم للأغلب وسقط الأقل، وقد قيل: إنه يلفق أيام الإفاقة فإذا بلغت سنة أخذت منه الجزية، فأما إن أفاق نصف الحول وجن نصفه، فإن كانت الإفاقة في الأول وجن فيما بعد وأطبق فلا جزية عليه لأنه ما تم الحول، وإن كان جنونه في الأول وإفاقته في باقيه واستمرت الإفاقة فإنه إذا حال الحول من وقت الإفاقة أخذت منه الجزية.
وأما الصبي فلا جزية عليه، فإذا بلغ بالسن أو بالاحتلام أو بالإنبات نظر، فإن كان من أولاد عباد الأوثان قيل له: إما أن تسلم أو تنبذ إليك وتصير حربا، وإن كان من أولاد أهل الكتاب قيل له: إما أن تسلم أو تبذل الجزية أو تنبذ إليك وتصير حربا، فإن اختار الجزية عقد معه على حسب ما يراه الإمام ولا اعتبار بجزية أبيه، فإذا حال الحول عليه من وقت العقد أخذ منه ما وقف عليه.
وإذا صالح الإمام قوما على أن يؤدوا الجزية عن أبنائهم سوى ما يؤدون عن أنفسهم، فإن كانوا يؤدونه من أموالهم جاز ذلك ويكون ذلك زيادة في جزيتهم، وإن كان ذلك من أموال أولادهم لا يجوز ذلك لأنه تضييع لأموالهم فيما ليس