المسلمين مجاهدين وغير مجاهدين، لأن النبي صلى الله عليه وآله ضرب على نصارى أيلة ثلاث مائة دينار وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا ولا يغشوا.
فإذا ثبت ذلك احتاج إلى شرطين:
أحدهما: أن يكون ذلك زائدا على أقل ما يجب عليهم من الجزية، وأن يكون معلوم المقدار، وإنما قلنا ذلك لأن الضيافة ربما لم تتفق فيحصل الجزية أقل مما يجب عليهم.
ولا يضرب الضيافة عليهم إلا برضاهم، لأن الأصل بالجزية أن لا تتم إلا بالتراضي فإذا التزموها ورضوا بها لم يكن لهم بعد ذلك الامتناع منها، فإن امتنعوا نقضوا العقد بذلك وينبذ إليهم، فإن طلبوا بعد ذلك أن يعقد العقد على أقل ما يكون من الجزية أجيبوا إليه، وإن التزموا زيادة على ما يكون أقل الجزية لزمهم ذلك، فإن امتنعوا بعد ذلك قوتلوا عليه، فإن مانعوا نقضوا العهد، فإن طلبوا بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الإمام أن تكون جزية لهم لزمه إجابتهم إليه، ولا يتعين ذلك بدينار أو أقل أو أكثر على ما بيناه.
والشرط الثاني: أن يكون معلوما لأنه لا يصح العقد على مجهول، ويصير معلوما بأن يكون عدد أيام الضيافة من الحول معلومة، فيقال لهم: يضيفون من السنة خمسين يوما أو أقل أو أكثر، ويكون عدد من يضاف معلوما فيقال: كذا وكذا نفسا من الرجال ومن الفرسان كذا وكذا، ويكون القوت معلوما لكل رجل كذا وكذا رطلا من الخبز، وكذا من الأدم من لحم وجبن وسمن وزيت وشيرج، ويكون مبلغ الأدم معلوما، ويكون علف الدواب معلوما - القت والشعير والتبن وغير ذلك - لكل دابة شئ معلوم.
فإن نزلوا بهم ولم يوفوا مبلغ العلف فأقروا أن الصلح وقع على علف الدواب لم يجب عليهم الحب، بل يلزمهم أقل ما يقع عليه اسم العلف من تبن وقت، ثم ينظر في حالهم، فإن كانوا متساوين في قدر الجزية لم يفضل بعضهم على بعض في الضيافة بل ينزل على كل واحد منهم مثل ما ينزل على الآخر،