القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمّة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير أن يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه، وتفقّه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصبر، فعند ذلك الوحا الوحا، ثم العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس، وليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكّانه.
فقام اليه الأصبغ بن نباتة فقال: يا أميرالمؤمنين من الدجّال؟ فقال: ألا ان الدجّال صائد بن الصيد، فالشقي من صدّقه والسعيد من كذّبه، يخرج من بلدة يقال لها اصفهان، من قرية تعرف باليهودية، عينه اليمنى ممسوحة والعين الأخرى في جبهته تضي ء كأنها كوكب الصبح، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم، بين عينيه مكتوب كافر، يقرؤه كل كاتب وأميّ، يخوض البحار وتسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنه طعام، يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر، خطوة حماره ميلٌ تطوى له الأرض منهلًا منهلًا، لا يمرّ بماء الّا غار الى يوم القيامة، ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والانس والشياطين يقول: اليّ أوليائي: أنا الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى، أنا ربكم الأعلى. وكذب عدوّ اللَّه انه أعور يطعم الطعام، ويمشي في الأسواق، وان ربكم عزّوجل ليس بأعور، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول، تعالى اللَّه عن ذلك علوّاً كبيراً.
ألا وانّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله اللَّه عزّوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلي المسيح عيسى بن مريم خلفه، الّا أن بعد ذلك الطامة الكبرى.