منعتها «منذ» القدمة، وحمتها «قد» الأزلية، وجنبتها «لو لا» التكملة.
افترقت فدلت على مفرقها، وتباينت فاعزت على مباينها، بها تجلّى صانعها للعقول وبها احتجت عن الرؤية، واليها تحاكم الأوهام، وفيها اثبت غيره، ومنها انبط الدليل، وبها عرف الاقرار، وبالعقول يعتقد التصديق باللَّه، وبالإقرار يكمل الايمان به. لا ديانة الّا بعد معرفته، ولا معرفة الّا بالاخلاص، ولا اخلاص مع التشبيه، ولا نفي مع اثبات الصفة للتثنية، وكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه، وكل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه.
ولا يجري عليه الحركة ولا السكون، كيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود فيه ما هو ابتداه، إذاً لتفاوتت ذاته، ولتجزّأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولما كان للباري معنى غير المبروء. ولو وجد له وراء وجد له امام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان، وكيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث؟ أم كيف ينشى ء الأشياء من لا يمتنع من الإنشاء؟ إذاً لقامت عليه آية المصنوع، ولتحوّل دليلًا بعدما كان مدلولًا عليه، ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، ولا في معناه للَّه تعظيم، ولا في ابانته عن الحق ضيم الّا بامتناع الأزلي أن يثنى، ولما بدى له أن يبدى ء، لا إله الّا اللَّه العلي العظيم كذب العادلون باللَّه وضلوا ضلالًا بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً، وصلى اللَّه على محمّد وآله الطاهرين» «1».
قال عبد السلام بن صالح الهروي: قلت لعلي بن موسى الرضا عليه السّلام:
يا ابن رسول اللَّه ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: انّ المؤمنين يزورون ربّهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه السّلام: «يا أبا الصلت انّ اللَّه