وبين ابن أبي سرح، فخرج محمّد ومن معه، فلمّا كان على مسيرة ثلاث من المدينة اذ هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير خبطاً كأنّه رجل يطلب أو يطلب، فقال أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: ما قضيّتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب؟ فقال لهم: أنا غلام أميرالمؤمنين وجّهني إلى عامل مصر، فقال له رجل منهم: هذا عامل مصر، قال: ليس هذا أريد وأخبر بأمره محمّد بن أبي بكر، فبعث في طلبه رجلًا فأخذه وجاء به إليه، فقال له رجل: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول: أنا غلام أميرالمؤمنين، ومرة يقول: أنا غلام مروان، حتى عرفه رجل أنه لعثمان، فقال له محمّد: إلى من ارسلت؟ قال: إلى عامل مصر، قال له: بماذا؟ قال:
برسالة، قال: معك كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتاباً وكانت معه اداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمّد من كان عنده من المهاجرين والأنصار وغيرهم ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمّد وفلان وفلان فاحتل في قتلهم وأبطل كتابه وقِر على عملك حتى يأتيك رأيي، واحبس من يجى ء يتظلم إليّ منك حتى يأتيك رأيي في ذلك ان شاء اللَّه تعالى.
فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا ورجعوا إلى المدينة وختم محمّد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفعوا الكتاب إلى رجل منهم وقدموا المدينة، فجمعوا طلحة والزبير وعلياً وسعداً ومن كان من أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ثم فضّوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام وأقرؤوهم الكتاب، فلم يبق أحد من أهل المدينة الَّا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وأبي ذر وعمار حنقاً وغيظاً، وقام أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فلحقوا بمنازلهم ما منهم أحد الَّا وهو مغتّم لما قرؤوا الكتاب، وحاصر الناس عثمان واجلب عليه محمّد بن أبي بكر بني تيم وغيرهم، فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير