سنين، بل كان أحب إلى قريش من عمر، لأن عمر كان شديداً عليهم فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم ثمّ توانى في أمرهم، واستعمل اقاربه وأهل بيته في الست الأواخر، واعطاهم المال متأولًا في ذلك الصلة التي أمر اللَّه بها وقال: ان أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما كان لهما وإني أخذته فقسمته في أقربائي، فانكر عليه ذلك» «1».
وقال: «كره ولايته نفر من الصحابة لأنه كان يحب قومه، فكان كثيراً ما يوّلي بني أمية من لم يكن صحبة فكان يجي ء من امرائه ما تنكره الصحابة، وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست الأواخر استأثر بني عمه فولّاهم دون غيرهم وأمرهم بتقوى اللَّه، فولى عبداللَّه بن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين، فجاء اهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كان قبل ذلك من عثمان هناة إلى عبداللَّه بن مسعود، وأبي ذرّ، وعمّار بن ياسر، فكانت بنو هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر، وجاء أهل مصر يشكون من ابن ابي سرح، فكتب اليه كتاباً يتهدده فيه فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان فقتله، فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل فنزلوا المسجد وشكوا إلى الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم، فقام طلحة بن عبيداللَّه فكلم عثمان بكلام شديد، وأرسلت عائشة اليه تقول له تقدم إليك أصحاب محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت فهذا قد قتل منهم رجلًا فانصفهم من عاملك، ودخل عليه علي بن أبي طالب، فقال: انما يسألونك رجلًا مكان رجل وقد ادعوا قبله دماً فاعزله عنهم واقض بينهم، فان وجب عليه حق فانصفهم منه فقال لهم:
اختاروا رجلًا أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليه بمحمّد بن أبي بكر فكتب عهده وولاه، وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر