الحمد للَّه غير مفقود النعم ولا مكافأ الافضال، وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه ونحن على ذلكم من الشاهدين وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، اما بعد ذلكم فاني قد بعثت مقدماتي، وأمرتهم بلزوم هذا الملطاط حتى يأتيهم أمري، فقد أردت أن أقطع هذه النطفة إلى شرذمة منكم موطنين باكناف دجلة فأنهضهم معكم إلى أعداء اللَّه ان شاء اللَّه، وقد أمرت على المصر عقبة بن عمرو الانصاري ولم آلكم ولا نفسي فاياكم والتخلف والتربص، فاني قد خلفت مالك بن حبيب اليربوعي وأمرته الا يترك متخلفاً إلّا ألحقه بكم عاجلًا ان شاء اللَّه.
فقام اليه معقل بن قيس الرياحي فقال: يا أميرالمؤمنين، واللَّه لا يتخلف عنك الاظنين، ولا يتربص بك إلّا منافق، فأمر مالك بن حبيب أن يضرب أعناق المتخلفين قال علي: قد أمرته بأمري وليس مقصراً في أمري ان شاء اللَّه، وأراد قوم أن يتكلموا فدعا بدابته فجاءته، فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال:
«بسم اللَّه» فلما جلس على ظهرها قال:«سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ» ثم قال: اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحيرة بعد اليقين وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. اللّهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد. اللّهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ولا يجمعهما غيرك، لأن المستخلف لا يكون مستصحباً، والمستصحب لا يكون مستخلفاً.
ثم خرج وخرج أمامه الحر بن سهم بن طريف الربعي وهو يقول:
يا فرسي سيري وأمي الشاما | وقطعي الحزون والاعلاما |