رسولًا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، ويدلهم على سبيل اللَّه لا فظّ ولا غليظ، ولا صخّاب في الاسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح أمته الحمادون الذين يحمدون اللَّه على كل نشز وفي كل صعود وهبوط تذل ألسنتهم بالتهليل والتكبير والتسبيح وينصره اللَّه على كل من ناواه فإذا توفاه اللَّه اختلف أمته ثم اجتمعت فلبثت بذلك ما شاء اللَّه ثم اختلفت، فيمر رجل من أمته بشاطي ء هذا الفرات، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي بالحق ولا يرتشي في الحكم، الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء، يخاف اللَّه في السر وينصح له في العلانية ولا يخاف في اللَّه لومة لائم، من أدرك ذلك النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان القتل معه شهادة.
ثم قال له: فأنا مصاحبك غير مفارقك حتى يصيبني ما اصابك قال: فبكي علي ثم قال: الحمد للَّه الذي لم يجعلني عنده منسياً، الحمد للَّه الذي ذكرني في كتب الابرار، ومضى الراهب معه وكان- فيما ذكروا- يتعذّى مع علي ويتعشى حتى أصيب يوم صفين فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال علي: اطلبوه فلما وجدوه صلى عليه ودفنه وقال: هذا منا أهل البيت واستغفر له مراراً» «1».
وروى بسنده عن عبداللَّه بن عمّار بن عبد يغوث «ان علياً قال لأهل الرقة:
أجسروا لي جسراً لكي أعبر من هذا المكان الى الشام، فأبوا وقد كانوا ضموا السفن عندهم، فنهض من عندهم ليعبر على جسر منبج، وخلف عليه الأشتر فناداهم فقال: يا أهل هذا الحصن اني أقسم باللَّه لئن مضى أميرالمؤمنين ولم تجسروا