عدي، وعمر بن الحمق، يظهران البراءة واللعن من أهل الشام فأرسل اليهما علي:
أن كفّا عما يبلغني عنكما فأتياه فقالا: يا أميرالمؤمنين، ألسنا محقين؟ قال: بلى.
قالا: أوليسوا مبطلين؟ قال: بلى، قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين، تشتمون وتتبرءون، ولكن لو وصفتم مساوي اعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن عملهم كذا وكذا، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، ولو قلتم مكان لعنكم اياهم وبراءتكم منهم: اللّهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق منهم من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به، كان هذا أحب الي وخيراً لكم فقالًا: يا أميرالمؤمنين، نقبل عظتك، ونتأدب بأدبك. وقال عمرو بن الحمق: اني واللَّه يا أميرالمؤمنين ما أجبتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك، ولا ارادة مال تؤتينيه ولا التماس سلطان يرفع ذكري به ولكن احببتك لخصال خمس: انك ابن عم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم واول من آمن به، وزوج سيدة نساء الأمة فاطمة بنت محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم واعظم رجل من المهاجرين سهماً في الجهاد. فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي حتى يأتي علي يومي في أمر اقوّي به وليّك واوهن به عدوك، ما رأيت اني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك.
فقال أميرالمؤمنين علي: اللهم نوّر قلبه بالتقى واهده الى صراط مستقيم، ليت أن في جندي مائة مثلك. فقال حجر: إذاً واللَّه يا أميرالمؤمنين صح جندك وقل فيهم من يُغّشك» «1».