اقول: بلغ أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام أعلى درجات الكمال الانساني، فاجتمعت فيه خصال الانبياء والرسل كلهم، وصار مرآة لتجلِّي تلك الفضائل التي اختص بها كل من هؤلاء الانبياء، ولذلك شبهه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بهم «٢»، واعتبره الوجه المعبر عنهم.
وليس هذا مضمون الاحاديث المستفيضة التي تلونا عليك شطراً منها فحسب، بل راح الشعراء يعطرون قصائدهم بهذه المنقبة الجليلة، ورغم انهم استخدموا قريحتهم الأدبية في بيانها بأحسن وجه، اعترفوا بالعجز عن ايفاء الموضوع حقه، والقصور عن بلوغ الغاية:
فهذا ابن أبي الحديد المعتزلي يقول في احدى قصائده السبع العلويات:
يا برق إن جئت الغريّ فقل له | اتراك تعلم من بأرضك مودع | |
فيك ابن عمران الكليم وبعده | عيسى يقفّيه وأحمد يتبع | |
بل فيك جبريل وميكال واسرافيل | والملأ المقدّس أجمع | |
بل فيك نور اللَّه جل جلاله | لذوي البصائر يستشف ويلمع | |
فيك الإمام المرتضى فيك الوصي | المجتبى فيك البطين الأنزع | |
الضارب الهام المقنع في الوغى | بالخوف للبهم الكماة يقنِّع | |
والسمهرية تستقيم وتنحني | فكأنها بين الاضالع اضلع | |
والمترع الحوض المدعدع حيث لا | وادٍ يفيض ولا قليب يترع |