كان أرحم بأيوب أن لو دعاه بكشف البلاء، لكشفه، ولكنه اعتقل لسانه عن الدعاء حتى كملت له سبع حجج لم يدع فيها لكشف البلاء، فكان أول ما دعا به حين اطلق اللَّه تعالى عنه فقال:«مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، وقال:
«مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ» «١» فكشف اللَّه تعالى عنه البلاء من يومهم أو من ساعته، وروي عن ابن أبي داود قال: وسوست الشياطين إلى ايوب عليه السلام فقالوا له انك مجاب الدعوة فلو دعوت ربك ان يكشف عنك فقال أيوب: كنت كذا وكذا سنة في الرخاء فسأصبر حتى اكون مثلها في البلاء، فعند ذلك صاح ابليس اللعين، وقال: يا ويلاه قد وطّن نفسه على ان يمكث كذا وكذا سنة في البلاء صابراً.
فكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه في طول ما ابتلي بانواع البلاء من الشّراة والخوارج والحرورية والشامية كان يصبر ويقول: انك ان صبرت جرت عليك المقادير وانت مأجور، وان جزعت جرت عليك المقادير أنت مأزور ولم يكن يدعو اللَّه سبحانه بالفرج، فلما دنا يومه وقرب نزول القضاء به اضجره قومه حتى دعا اللَّه سبحانه، فقال: اللهم اني قد كرهتهم وكرهوني فارحني منهم وارحهم منّي، فما بات الا تلك الليلة وقد ذكرناه في حديث مقتله رضي اللَّه عنه فاستجاب اللَّه تعالى دعاه واكرمه بالفرج وألحقه بسيد المصابيح والسرج محمّد صلوات اللَّه عليه.
٨- ابتلى ايوب عليه السّلام بالوفاء والنذر: قوله تعالى : «وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ» ... وعمل بما حلف قال اللَّه تعالى : «إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ» «2». فكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه، نذر للَّه تعالى على ولديه حين