فراشه ليلة خرج وقال: انّ قريشاً لن يفتقدوني ما رأوك، فاضطجع عليّ عليه السّلام على فراشه، وكانت قريش تنظر إلى فراش النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فيرون عليه رجلًا يظنّونه النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، حتّى إذا اصبحوا رأوا عليه عليّاً فقالوا: لو خرج محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لخرج بعلّي معه، فحبسهم اللَّه عزّوجلّ بذلك عن طلب النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم حين رأوا عليّاً ولم يفقدوا النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وأمر النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم عليّاً أن يلحقه بالمدينة، فخرج عليّ في طلبه بعدما أخرج إليه، فكان يمشي من الليّل ويكمن بالنّهار حتّى قدم المدينة، فلمّا بلغ النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قدومهم قال: ادعوا لي عليّاً فقالوا: انّه لا يقدر ان يمشي فأتاه النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فلمّا رآه النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم اعتنقه وبكى رحمة له ممّا رأى بقدميه من الورم وكانتا تقطران دماً، فتفل النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في يديه ثمّ مسح بهما رجليه ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما عليّ حتّى استشهد» «1».
وقال الوصّابي: «قال ابن اسحاق: اقام علي بن أبي طالب بمكة بعد النبّي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ثلاث ليالي وايّامها حتّى ادّى عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم الودايع الّتي كانت عنده للنّاس، فلمّا فرغ منها لحق برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فنزل معه على كلثوم بن هدم ولم يقم بقبا «2» الّا ليلة او ليلتين.