نهاية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٣٢
بقولهم: (إن إعادة المعدوم بعينه ممتنعة) (1). وقد عد الشيخ امتناع إعادة المعدوم بعينه ضروريا (2).
وقد أقاموا على ذلك حججا (3) هي تنبيهات بناء على ضرورية المسألة:
ومنها: أنه لو جاز للموجود في زمان أن ينعدم زمانا ثم يوجد بعينه في زمان آخر، لزم تخلل العدم بين الشئ ونفسه، وهو محال، لاستلزامه وجود الشئ في زمانين بينهما عدم متخلل.
ومنها: أنه لو جازت إعادة الشئ بعينه بعد انعدامه جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه ابتداء، وهو محال. أما الملازمة: فلأن الشئ المعاد بعينه وما يماثله من جميع الوجوه مثلان، وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد. فلو جاز إيجاده بعينه ثانيا بنحو الإعادة جاز إيجاد مثله ابتداء. وأما استحالة اللازم:
فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود عدم التميز بينهما، وهما اثنان متمايزان.
ومنها: أن إعادة المعدوم بعينه توجب كون المعاد هو المبتدأ، لأن فرض العينية يوجب كون المعاد هو المبتدأ ذاتا وفي جميع الخصوصيات المشخصة حتى الزمان، فيعود المعاد مبتدأ وحيثية الإعادة عين حيثية الابتداء.
ومنها: أنه لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود بالغا حدا معينا يقف عليه، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية والثالثة وهكذا إلى ما لا نهاية له. كما لم يكن

(١) وذهب إليه الحكماء، وجماعة من المتكلمين، ومنهم بعض الكرامية وأبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي من المعتزلة، خلافا للأشاعرة ومشايخ المعتزلة فإن إعادة المعدوم جائزة عندهم. راجع شرح المواقف ص ٥٧٩، وشرح التجريد للقوشجي ص ٦٠ - ٦٣ وقواعد المرام في علم الكلام ص ١٤٧.
(2) راجع الفصل الخامس من المقالة الأولى من إلهيات الشفاء. واستحسنه فخر الدين الرازي في المباحث المشرقية ج 1 ص 48.
(3) راجع المباحث المشرقية ج 1 ص 47 - 48، والأسفار ج 1 ص 353 - 364، وشرح المنظومة ص 48 - 51، وكشف المراد ص 75، وشوارق الالهام ص 122، وشرح التجريد للقوشجي ص 60 - 65.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 35 37 38 39 ... » »»
الفهرست