ويبطل معه العلم من رأس، على أن فيه اعترافا ببطلان أصل الدعوى.
وأما قول القائل (1) بجواز أن يختار الفاعل المختار أحد الأمرين المتساويين دون الآخر لا لمرجح يرجحه، وقد مثلوا له (2) بالهارب من السبع إذا عن له طريقان متساويان فإنه يختار أحدهما لا لمرجح.
ففيه: أنه دعوى من غير دليل، وقد تقدمت الحجة (3) أن الممكن المتساوي الجانبين يحتاج في ترجح أحد الجانبين إلى مرجح (4).
فإن قيل (5): إن المرجح هو الفاعل مثلا بإرادته كما مر في مثال الهارب من السبع.
أجيب: بأن مرجعه إلى القول الآتي، وسيأتي بطلانه (6). وأما مثال الهارب من السبع فممنوع، بل الهارب المذكور على فرض التساوي من جميع الجهات يقف في موضعه ولا يتحرك أصلا.
على أن جواز ترجح الممكن من غير مرجح ينسد به طريق إثبات الصانع (تعالى) (7).
وأما قول القائل (8): (إن الإرادة مرجحة بذاتها يتعين بها أحد الأفعال