نفس ذات العلة، فالعلة هي نفس الوجود الذي يصدر عنه وجود المعلول وإن قطع النظر عن كل شئ. ومن الواجب أن يكون بين المعلول وعلته سنخية ذاتية هي المخصصة لصدوره عنها، وإلا كان كل شئ علة لكل شئ وكل شئ معلولا لكل شئ. فلو صدر عن العلة الواحدة التي ليس لها في ذاتها إلا جهة واحدة معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة، تقررت في ذات العلة جهات كثيرة متباينة متدافعة، وقد فرضت بسيطة ذات جهة واحدة، وهذا خلف. فالواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، وهو المطلوب.
وقد اعترض عليه بالمعارضة (1): أن لازمه عدم قدرة الواجب (تعالى) على إيجاد أكثر من واحد، وفيه تقييد قدرته، وقد برهن على إطلاق قدرته وأنها عين ذاته المتعالية.
ويرده: أنه مستحيل بالبرهان، والقدرة لا تتعلق بالمحال، لأنه بطلان محض لا شيئية له. فالقدرة المطلقة على إطلاقها، وكل موجود معلول له (تعالى) بلا واسطة أو معلول معلوله، ومعلول المعلول معلول حقيقة.
ويتفرع عليه:
أولا: أن الكثير لا يصدر عنه الواحد. فلو صدر واحد عن الكثير، فإما أن يكون الواحد واحدا نوعيا ذا أفراد كثيرة يستند كل فرد منها إلى علة خاصة، كالحرارة الصادرة عن النار والنور والحركة وغيرها، أو تكون وحدته عددية ضعيفة كالوحدة النوعية، فيستند وجوده إلى كثير كالهيولي الواحدة بالعدد المستند وجودها إلى مفارق يقيم وجودها بالصور المتواردة عليها واحدة بعد واحدة على