فالحق أن تعريفهما بما عرفا به تعريف لفظي يراد به التنبيه على معناهما وتمييزه من بين المعاني المخزونة عند النفس (1). فالواحد هو: (الذي لا ينقسم من حيث إنه لا ينقسم)، والتقييد بالحيثية ليندرج فيه الواحد غير الحقيقي الذي ينقسم من بعض الوجوه (2)، والكثير هو: (الذي ينقسم من حيث إنه ينقسم).
فقد تحصل أن الموجود ينقسم إلى الواحد والكثير، وهما معنيان متباينان تباين أحد القسمين للآخر.
تنبيه:
قالوا: (إن الوحدة تساوق الوجود) (3)، فكل موجود فهو واحد من جهة أنه موجود، حتى أن الكثرة الموجودة - من حيث هي موجودة - كثرة واحدة، كما يشهد بذلك عرض العدد لها والعدد مؤلف من آحاد، يقال: كثرة واحدة وكثرتان وكثرات ثلاث، وعشرة واحدة وعشرتان وعشرات ثلاث، وهكذا.
وربما يتوهم (4) أن انقسام الموجود إلى الواحد والكثير ينافي كون الواحد مساوقا للموجود، وذلك أن الكثير - من حيث هو كثير - موجود لمكان الانقسام المذكور، والكثير - من حيث هو الكثير - ليس بواحد، ينتج أن بعض الموجود ليس بواحد، وهو يناقض قولهم: (كل موجود فهو واحد).