به السلب والإيجاب من حيث الإضافة إلى مضمون القضية بعينه. وقد ظهر أيضا أن قولهم: (نقيض كل شئ رفعه) (1)، أريد فيه بالرفع الطرد الذاتي، فالإيجاب والسلب يطرد كل منهما بالذات ما يقابله.
وأما تفسير من فسر الرفع بالنفي والسلب (2) فصرح بأن نقيض الإنسان هو اللا إنسان، ونقيض اللا إنسان اللا لا إنسان، وأما الإنسان فهو لازم النقيض وليس بنقيض، فلازم تفسيره كون تقابل التناقض من جانب واحد دائما، وهو ضروري البطلان.
ومن أحكام تقابل التناقض أن تقابل النقيضين إنما يتحقق في الذهن أو في اللفظ بنوع من المجاز، لأن التقابل نسبة قائمة بطرفين، وأحد الطرفين في المتناقضين هو العدم، والعدم اعتبار عقلي لا مصداق له في الخارج. وهذا بخلاف تقابل العدم والملكة، فإن العدم فيه - كما سيأتي إن شاء الله (3) - عدم مضاف إلى أمر موجود، فله حظ من الوجود، فالتقابل فيه قائم في الحقيقة بطرفين موجودين.
ومن أحكام هذا التقابل امتناع الواسطة بين المتقابلين به، فلا يخلو شئ من الأشياء عن صدق أحد النقيضين، فكل أمر مفروض إما هو زيد مثلا أو ليس بزيد، وإما هو أبيض أو ليس بأبيض، وهكذا، فكل نقيضين مفروضين يعمان جميع الأشياء.
ومن أحكام هذا التقابل أن النقيضين لا يصدقان معا ولا يكذبان معا، على سبيل القضية المنفصلة الحقيقية - كما تقدمت الإشارة إليه (4) - وهي قولنا: (إما أن يصدق الايجاب أو يصدق السلب). وهي قضية بديهية أولية يتوقف عليها صدق كل قضية مفروضة، ضرورية كانت أو نظرية. فليس يصدق قولنا: (الأربعة زوج)،