احسانه ولا توقف على اراده سانحة أو حضور وقت (1) مناسب أو قصد إلى تحصيل مصلحه له أو لغيره فان من قصد في ايجاد شئ تحصيل مصلحه وان كانت لغيره أو ايصال منفعه وإن كان إلى غيره فهو ناقص في نفسه محتاج في كماله إلى غيره لان ذلك التحصيل أو الايصال ان لم يكن أولى له من عدمه فلم يقصده وإن كان أولى فهو بذلك محصل كمال لنفسه من غيره إذ بدونه فاقد ذلك الكمال فعلم أنه تام الفاعلية تام الإرادة ليس في ذاته قصد زائد أو اراده حادثه فيجب كونه صانعا فياضا لم يزل ولا يزال باسطا يده بالرحمة والعطاء في الآباد والأزل بلا قصور انما القصور فينا أبناء عالم الدنيا والأجسام وسكان قرية الهيولى الظالم أهلها وهي دار الزوال والانتقال.
فاذن الجمع بين الحكمة والشريعة في هذه المسألة العظيمة لا يمكن الا بما هدانا الله اليه وكشف الحجاب عن وجه بصيرتنا لملاحظة الامر على ما هي عليه من تحقيق تجدد الأكوان الطبيعية الجسمانية وعدم خلوها في ذاتها عن الحوادث فالفيض من عند الله باق دائم والعالم متبدل زائل في كل حين وانما بقاؤه يتوارد الأمثال كبقاء الأنفاس في مده حيوه كل واحد من الناس والخلق في ليس وذهول عن تشابه الأمثال وتعاقبها على وجه الاتصال.
ذكر تنبيهي قال بعض العرفاء في كتابه المسمى بزبده الحقائق وقول القائل العالم قديم بالزمان هوس محض لا طائل تحته إذ يقال له ما الذي تعنى بالعالم فاما ان يقول أعني به الأجسام كلها كالسماوات والأمهات أو يقول أعني به كل موجود سوى الله (2) فان قال أعني به كل موجود ممكن من الأجسام وغيرها كالعقول والنفوس فعلى هذا يكون أكثر الموجودات المندرجة تحت لفظ العالم غير متوقف الوجود على وجود الزمان بل يكون بالضرورة سابق الوجود عليه فكيف يقال العالم قديم