والرسالة فتسمى بالنبوة وتارة بطريق السلوك والكسب فتسمى بالحكمة والولاية وانما يقول بمخالفتهما في المقصود من لا معرفه لتطبيق الخطابات الشرعية على البراهين الحكمية ولا يقدر على ذلك الا مؤيد من عند الله كامل في العلوم الحكمية مطلع على الاسرار النبوية فإنه قد يكون الانسان بارعا في الحكمة البحثية ولاحظ له من علم الكتاب والشريعة أو بالعكس فالعقل السليم إذا تأمل تأملا شافيا وتشبث بذيل الانصاف متبريا عن الميل والانحراف والعناد والاعتساف وتدبر ان طائفه من العقول الزكية والنفوس المطهرة الذين لم يتنجس بواطنهم بأرجاس الجاهلية وأدناس النفسانية ولم ينحرفوا عن سبيل التقديس ولم يأتوا بباطل ولا تدليس وكانوا مؤيدين من عند الله بأمور غريبه في العلم والعمل معجزات وخوارق للعادات من غير سحر وحيل ولا غش ولا دغل ثم اصروا على القول بحدوث هذا العالم وخرابه وبواره وانشقاق اسقافه وانهدام طاقاته وتساقط كواكبه وانكدارها وطى سماواته وبيد ارضه وانفجار بحارها وسيران جبالها ونسفها وبالغوا في ذلك وتشددوا في الانكار على منكريه مع ظهور انه لا يضرهم القول بقدم العالم مع بقاء النفوس (1) بعد الأبدان الشخصية واثبات الخيرات والشرور النفسانية في المعاد ولا يخل بالشريعة في ظاهر الامر فيجزم لا محاله بأنهم ما نطقوا عن الهوى وما أخبروا عن يقين حق واعتقاد صدق ثم إذا رجعنا إلى البراهين العقلية التي لا شك ولا ريب في مقدماتها اليقينية الاضطرارية وجدناها ناهضه على أن صانع العالم واحد صمد لا يعتريه نقص ولا تغير ولا انزعاج من حاله إلى حاله ولا فتور في فاعليته ولا امساك في فيضه ولا بخل في
(٣٢٧)