وهذا الاشكال مما عرضته على كثير من فضلاء العصر وما قدر أحد على حله إلى أن نور الله قلبي وهداني ربى إلى صراط مستقيم وفتح على بصيرتي باب ملكوت السماوات والأرض بمفتاح معرفه نفسي فان معرفه النفس مفتاح خزائن الملكوت وذلك انى نظرت إلى نفسي فوجدتها انية صرفه لا يدخل فيها جسد ولا عضو من الأعضاء كقلب أو دماغ أو بخار يسمى عند الأطباء بالروح ولا أيضا يدخل فيها امر ذهني ولا ماهية عقلية لان جميعها يغيب عن ذاتي وذاتي لا تغرب عن ذاتي ابدا كما استفاده صاحب التلويحات عن الفيلسوف المعلم للمشائين في الواقعة ثم وجدت ذاتي وانيتي غير محدوده في حد معين ومرتبه مخصوصة لا يتعداها بل رايتها مع وحدتها وبساطتها تعقل الأشياء المعقولة بذاتها وتتخيل الصور المتخيلة بذاتها وكذا تدرك الصور المحسوسة بذاتها لا كما توهمه كثير من النظار ان النفس تدرك المعقولات بذاتها وتدرك غيرها بالآلات عنوانه ان المدرك بالذات للمتخيلات والمحسوسات هي آله النفس لا النفس وهذا في غاية السخافة والبطلان.
كيف والمستعمل للالة الجزئية في امر جزئي محسوس لا بد ان يدركها لا محاله والا لم يكن الاله آله طبيعية ولا القوة قوه نفسانية بل حيوانا مبائن الذات الا انه صار بقوته ومادته ونفسه وجسده عضوا من أعضائنا كالبصر والاذن وغيرهما وتجويزه خروج عن الغريزة العقلية نعم هذه الآلات استعمالاتها مخصصات لحدوث الادراكات والمدرك بالذات في الجميع هي النفس كما سينكشف لك زيادة في الايضاح في مباحث علم النفس.
فاذن النفس الانسانية مع وحده وجودها وهويتها لها درجات ذاتية من حد العقل إلى حد طبيعة والحس فلها مقام في عالم العقل ومقام في عالم المثال ومقام في عالم الطبيعة وكل واحد من هذه المقامات الثلاثة أيضا متفاوت الدرجات قوه وضعفا وكمالا ونقصا فحس يكون أقوى أشد من حس آخر في باب الحس كالبصر أقوى من السمع وكذا خيال أقوى وأنور من خيال آخر في باب التمثيل وعقل اشرف وأوضح من عقل آخر في باب التعقل فهي مع صرافة وحدتها كثيره المقامات رفيعه الدرجات فإذا كانت النفس حالها