والعدة والمدة لا تكون متحققه في ذاته البسيطة الحقه أو لا يكون ثبوتها وتحققها في ذاته على وجه أعلى وأشرف بالوجوب الذاتي لما مر من أن جميع الحيثيات الوجودية نسبتها إلى ذاته تعالى ليس الا على وجه الضرورة الذاتية الأولية.
وإذا اتضح هذا فقد انكشف انه ليس في صنع البرهان المذكور خلط بين الامكان بالذات والامكان بالقياس إلى الغير ولا اشتباه بين الامتناع بالذات والامتناع بالقياس إلى الغير هذا ثم الذي ذكره هذا الفاضل المشهور بالتحقيق والتدقيق ليس بصحيح في نفسه والاشكال الذي يرد في المشهور على قولهم الممكن لا يستلزم محالا بامكان عدم المعلول الأول واستلزامه لعدم الواجب لا يدفع بما ذكره فان الامكان الخاص بالقياس إلى الغير انما يتصور بين شيئين لا يكون بينهما علاقة ذاتية ونسبه ايجابية عليه ومعلولية واما اللذان بينهما هذه العلاقة فللعلة وجوب بالقياس إلى معلولها لاحتياجه إليها وللمعلول وجوب بالقياس إلى علته لاقتضائها إياه فالاشكال المشهور غير مندفع بما قرره ولا البرهان المذكور منقدح بما صوره.
واما حل الاشكال فقد مر بيانه منا موافقا لطريقتنا من أن المعلول ليس الا نحوا من الوجود على طريق الاستتباع والوجوب واما الامكان فهو حال الماهية المأخوذة في ذاتها ولا علاقة ولا ارتباط بين الماهية وبين العلة وجودا ولا عدما فامكانها لا يستلزم شيئا من وجود العلة وعدمها إذ لو استلزمت في ذاتها بذاتها عله لكانت من حيث هي مرتبطه مجعوله بها وذلك باطل كما سبق واما النظر إلى الوجود الذي هي متحده به فليس له حيثية الا حيثية الوجوب بالواجب بالذات والقيام بالقيوم الحق وهو الوجوب التعلقي لا غير ولا يمكن فيه فرض اللا وجود لأنه فرض النقيضين مواطاه واشتقاقا جميعا لما مر ان الوجود موجود في ذاته فالممكن غير مستلزم للمحال والمستلزم للمحال أعني عدم المعلول الأول لعدم الواجب هو غير ممكن في نفسه بل هو في نفسه محال بالغير الذي هو المحال بالذات ولا جهة فيه غير المحالية (1) فتفطن.