والشيطان وأوضح أن الرقي إلى فضيلة عبودية الرحمن إنما هو للذين يمشون على الأرض هونا بحسن السلوك بالأخلاق الفاضلة وكريم الأدب مع النفس بتهذيبها ومع الناس بعدل المدنية وبحسن الاجتماع فيسلكون على هونهم في تحري الطريق ولزوم الجادة واتباع البصيرة، والتوقي من عثرة الاسترسال وورطات الجهل المركب والعجب والغرور من دون تسرع يورطهم في هفوات الشهوات وطفرات الغضب والظلم ويدنسهم برذائل العجب والغرور فيزل بهم تسرعهم عن النهج المستقيم، ويضر بسعادة أنفسهم وراحة بني نوعهم.
فجمعت هذه الكلمة الواحدة للتعليم بكل خير وخلق فاضل يتكفل بالسعادة والعمران الحقيقي وراحة المجتمع الانساني، والتعليم باجتناب الهرولة إلى بطالة التقشف البارد ومسكنة العجز المضرتين برقي النفس في الكمال والمعاضدة في العمران.
وإذا تعرض الجاهلون لهؤلاء الفضلاء بكلام الجهل أجابوهم بما فيه السلام حسبما تقتضيه الظروف والأحوال من الملاطفة بالارشاد أو الموعظة وما يصلح للجواب بالسلام:
إقرأ يا شيخ جزاك الله خيرا.
الشيخ: فقرأت: (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما) (1).
القس: هذه هي المظاهر في الرابطة الحقيقية في عبودية الله والخضوع له وعبادته الخالصة، وحقيقة الرهبة منه، وهي الحقيقة المعقولة الجامعة بين الرغبة في طاعة الله وعبادته لأجل عظمته ومعرفة أهليته للعبادة الصادقة، وبين الرهبة بالالتفات إلى وبال المعصية، وبطلب المعونة من الله والتوفيق للخلاص من المعاصي واستحقاق عقابها