ألا تعرف أن شرف علمه يمنعه من أن يعترض بمثل اعتراضك من أين علمت أن الغدد الوحيدة لا فائدة لها ولا غاية في وجودها؟ هل أعلمتك بذلك الطبيعة البكماء؟
هل أنت حينما كنت جنينا في بطن أمك رصدت الغدد الوحيدة في أمعائها وراقبت أحوالها بمهارة العلم وجودة الفحص وعلو الفطنة فكشف لك العلم الصحيح والتجربة عن أن الغدد الوحيدة لا غاية لوجودها ولا فائدة حتى في حفظ جوهر المعاء أو مساعدته في أعماله؟ وهل جرى لك مثل ذلك مع الغدة الدرقية؟
لا، يا صاحبي لا ينبغي أن نجعل جهلنا بالفائدة والغاية دليلا علميا على عدمها.
هب أنا حالا لا نخجل من أجل ذلك من العلم. ولكننا نندم كثيرا إذا قيل لنا إن الدكتور فلان انتزع الغدة الدرقية من جملة من المصابين بمرض الجواثر فوقعوا بالبلاهة التامة.
حيث يكشف لنا العلم عن أن الغدة الدرقية لها المداخلة الكبيرة في حفظ الشعر واستقامته. بل إن كبرها في الأنثى عند الحمل يكشف عن أن لها مداخلة كبيرة في امتصاص المواد العفنة ومنعها عن التصاعد إلى الدماغ.
وأما ظهور الأمراض الشديدة فيها فإنه يكشف عن أن لها عملا كبيرا في حبس المواد الضارة عن الوصول إلى الأعضاء الشريفة.
ولكن تلك المواد قد تزيد على ما للغدة من القوة النوعية فيظهر المرض كما هو السنة في جميع الأعضاء فانظر إلى القولون والرئة.
وبمثل هذا يجري الكلام في الزوائد الدورية.
ثم يا رمزي إن الذي ذكرناه من الأجزاء وعجائب غاياتها ليكفي الوجدان الحر في حكمه بأن موجدها أوجدها لأجل تلك الغايات التي كان يعلمها. وهب أنه توجد أجزاء لا غاية لها كما تقوله أنت فغاية ما