هل يشك ذو شعور بأن هذه التي ذكرناها إنما هي صنع صانع.
صنعت لأجل غاياتها التي يقدرها صانعها بعلمه.
إذن فهذا العالم المنتظم وموجوداته التي تبهر العلم والعقل بغاياتها الكبيرة المستعملة فيها كيف يقال إنه بتأثير الطبيعة البكماء والصدفة العمياء بلا شعور بغاية ولا حكمة؟!!
لماذا لا يقال ذلك فيما ذكرناه من القطع الصوانية. والمدينة وما فيها؟!
كرامة، لقرآن في حججه يا أصحابنا وإن القرآن الكريم قد احتج على هذا الأمر بنحو العموم ووبخ العقول على غفلتها وغلبة الأوهام على وجدانياتها حيث أنها تقضي في الأمور الجزئية الطفيفة المستحقرة في جنب نظام العالم وتحكم بوجدانها بأن هذه الأمور الجزئية الحقيرة لا بد من أن يكون وجودها بإيجاد عالم بغاياتها أوجدها لأجل الغايات.
ومع ذلك يخادعها الوهم في خلقة العالم الكبير وما فيه من الحكم والغايات فقال في الآية الرابعة عشر من سورة الملك المكية: (ألا يعلم من خلق) خالق هذا العالم بالنظام العجيب وموجده على الحكمة الباهرة هل يمكن أن يكون لا يشعر ولا يعلم بغاية خلقه ولم يوجده لأجل غاياته كلا.
ولم يكتف في حجته بهذا الاجمال وإن كان كافيا لذوي العقول الحرة. بل استلفت شعور الانسان إلى وجود لا يغيب عنه ولا يخفى عليه مهما خفيت الأشياء. ذاك هو خلق الانسان ونشؤه وتناسل نوعه وآلات نفعه وخصائص صورته فقال في الآية الخامسة والسادسة والسابعة من