حروب رسول الاسلام يا والدي وأما حروبه التي تشير إليها في كلامك فإن أساس التاريخ الذي يذكرها يقرنها بذكر أسبابها التي يعلم منها أنه لم يكن حرب من حروبه ابتدائيا لمحض الدعوة إلى الاسلام.
وإن جاز ذلك للإصلاح الديني والمدني، وتثبيت نظام العدل والمدنية، ورفع الظلم والعوائد الوحشية الجائرة القاسية.
لكن دعوته الصالحة الفاضلة تجنبت هذا المسلك وسلكت فيما هو أرقى منه وهو الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. كما جاءه هذا التعليم الأساسي في الآية السادسة والعشرين من سورة النحل المكية.
وقد استمرت سيرته الصالحة على ذلك. فكانت حروبه بأجمعها دفاعا لعدوان المشركين الظالمين عن التوحيد وشريعة الاصلاح والمسلمين.
ومع ذلك فهو يسلك في دفاعه أحسن طريقة يسلكها المدافعون، وأقربها إلى السلام والصلاح، يقدم الموعظة ويدعو إلى الصلاح والسلام ويجنح إلى السلم ويجيب إلى الهدنة ويقبل عهد الصلح. مع عرفانه بأنه المظفر المنصور. وهاك ما ينادي به التاريخ من أسباب حروبه وغزواته.
حرب بدر - وأسبابها فأول حروبه المعروفة بعد هجرته هي حرب بدر وهي في السنة الثانية من الهجرة. وسببها أن المشركين من قريش اشتد اضطهادهم للمسلمين ومن يريد الاسلام بمكة. ومنعوهم عن الهجرة والفرار بدينهم حتى ضيقوا عليهم بقساوة الاضطهاد والحبس لكي يردوهم إلى شرك الوثنية وعوائد الضلال. فإنهم عرفوا من سيرة (محمد) أنه لا يحب إثارة