وأزيدك يا شيخ أني طالما تضايقني الشدائد وتنقطع آمالي من الأسباب الطبيعة فأجد نفسي تلتجئ بفطرتها إلى مدبر فعال بالإرادة تراه مالك التصرف والتسبيب ملك القدرة والرحمة فطلب منه كشف الشدة بقدرته ورحمته على رغم الأسباب العادية، وتظل شاخصة النظر إلى رحمته.
فيكثر عجبي من نفسي وتوجهها والتجائها ابتداء بفطرتها إلى من تراه خالقا قادرا عالما يفعل بإرادة على رغم التزامي بالمذهب المادي.
وطالما درست أحوال الناس عند شدائدهم وانقطاع آمالهم من الأسباب العادية فأجد نفوسهم تجري بفطرتها على مبدأ نفسي في الالتجاء إلى مدبر عالم قادر، وكثير من هذه النفوس لا تعترف له في العافية والسعة.
لكن يا شيخ إن اعترافنا بالإلهية دونه عقبات:
(الأولى): إنا لا نقدر أن نعرف حقيقة هذا الخالق العالم الواجب الوجود.
وهذا مما يصدنا عن الاعتراف به فإنه يصعب على النفوس أن تعترف بوجود موجود لا تعرف حقيقته..
(الثانية): إنا نرى الكثير من الناس قد تاه في هذا المقام. فإن منهم من يقول بتعدد الآلهة.
ومنهم من يقول إن الإله يتجسد ويلبس ثوب الناسوت فيخضع بالطبيعة لاحتياج البشرية ونقائصها والشدائد الواردة عليها.
ومنهم. ومنهم. وهذا كله يضاد مقام الإلهية ووجوب الوجود على خط مستقيم. من يتغير كيانه كيف يكون واجب الوجود؟ أي كيان منه واجب الوجود هل هو الكيان الأول المنعدم أو هو الكيان المتجدد الحادث؟ أم أن وجوب الوجود لا يرتبط بكيان وجودي، بل بكيان وهمي انتزاعي لا وجود له.
(الثالثة): إن الذين يدعوننا للاعتراف بالإلهية يريدون منا أن نعترف لهم بسيطرة دينية ونخضع تحت نير ونرزح تحت ثقل. مع أنا