حيث اضطرته الأحوال إلى أن يدافع عن صلاحه عدوان الوثنية وفساد الوحشية.
يا والدي إنك إذا تأملت في فلسفة الاصلاح الديني الاجتماعي بل وعواطف الاجتماع رأيتها بوجدانك تسوغ لمحمد في عصره المظلم بالظلمات المتراكمة أن يبتدئ بالمهاجمة في سبيل إصلاحه.
فكيف نعترض عليه إذا سلك أرقى مسلك في الاصلاح. ألا.
وهو الدفاع الجميل الذي تقوم به الحجة، ويحدده الصلاح وعواطف الرحمة بأكرم الحدود وأشرفها.
خلاصة الكلام في دفاع الاسلام يا والدي: وفي آخر الكلام أقول لك إنك إذا نظرت إلى التاريخ نظر حر تجد أن الذين نالهم السيف من الذين دافعهم (محمد) لا يبلغون عشر الذين آمنوا به بالطوع والرغبة وفدوا أنفسهم وكل غال دون دعوته الكريمة.
وإن هؤلاء الذين انقادوا إلى الاسلام بالسيف لما تشرفوا بنعمة الاسلام صار (محمد) أحب الناس إليهم. وذلك لما وجدوه من صلاح دعوته وحسن سيرته في تبليغها وإجراء شريعتها فيما عاملهم به من التحمل والملاينة.
وجميل الدفاع وعواطف الرحمة وكرم المروءة وحسن الخلق وحسن الولاية، وإن حروبه معهم وإن كانت لأجل أشرف الغايات لم تكن إلا دفاعا جميلا لحماية الاصلاح الديني والمدني مقرونة بحسن المعاملة وجميل الصفح وعظيم المن وأيادي الرحمة مما لا يتصور من محارب مظفر معتز بنصيحة أصحابه وتفاديهم في سبيل نصره.
نعم كان كثير من النائين عن مركز (محمد) ينتظرون بإسلامهم قوة الاسلام وارتفاع الموانع بينهم وبينه. ولأجل ذلك تقاطرت إليه قبائلهم