القول بأن لها أشكالا هندسية لأنه يناقض كونها لا تتجزأ فإن الذي له شكل هندسي لا بد أن يتجزأ ولذا قال المحققون من أهل العصر إن الجواهر التي نقول بها هي أصغر من جواهر ديمقراط جدا.
الشيخ: لا أحب قطع كلامك من مجراه ولكن هنا كلمة ينبغي أن يؤسس تذكارها وهي أن العلم قد أقام براهينه التي يرجع تقريبها إلى نحو التجربة الحسية للدلالة على أن الكائن المادي مهما بلغ من الصغر فإنه لا بد من أن يكون له طرفان على الأقل وبذلك يصحح العقل قسمته وتجزأته وإن تعسرت بالآلة الخارجية فيراه العقل مركبا في المقدار لا ينفك عن الشكل الهندسي ألا ترى أنك إذا جعلته فاصلا بين جسمين يمسانه فلا بد أن يختص كل منهما بمماسة جانب منه ببداهة الوجدان فيتبين أنه ينقسم بين جانبيه فيبطل كونه لا يتجزأ.
ولهذا ونحوه من البراهين الوجدانية قال بعض كتابكم المحامين عن وجود الجواهر الفردة (إن كون الجواهر الفردة لا تقبل القسمة هو الأمر الذي لا يعقل كلا وإنما لو انقسمت لزالت خصائصها الجوهرية) وعدايها الدكتور إلى مجرى كلامك.
الدكتور: قد كان (لوسيبوس. وابيقورس، يقولان إن الجواهر الفردة تسبح بحركتها في الخلاء ولكن لما رأى بعض العلماء أن الفراغ مستحيل في الطبيعة فرضوا أن تلك الجواهر تسبح في مادة لطيفة أو غاز أخف من الهواء أو سائل تام الاتصال مالئ للخلاء سموه الأثير تتحرك فيه الجواهر التي هي أجزاؤه حركة الزوابع (1) في الهواء الهادي ومن أحوال اجتماعها بالحركة وأفاعيلها تظهر صور الكائنات وهذه الجواهر في الرأي القديم هي أزلية أبدية لم تحدث بعد العدم ولا تتلاشى ولا تنعدم وإنما يخفى بتفرقها هذا ولكن الرأي الجديد حسب اكتشافات العالم