فهذا المائز هل هو بجعل فاعل متصرف. وبتصرفه وتكوينه ميز كل واحد عن صاحبه. إذن فالإله الذي هو الفاعل الأول وواجب الوجود الذي قلنا به هو ذلك الفاعل الذي ميز بتكوينه هذه الأفراد التي تكون بذلك أفرادا عالمية فلا يكون وصفها بالإلهية ووجوب الوجود إلا من أغلاط الضلال والجهل - لا تقل إن هذا الفاعل المتصرف متعدد. فإنا ننقل هدا الكلام بعينه إليه. فإلى أين تذهب وعلى ماذا تقف بالتعليل.
أم هل تقول إن المؤثر في إمتياز كل واحد من الأفراد المتعددة هو طبيعي فيه. فنقول لا بد من أن يكون المائز في امتياز كل منها هو غير الجهة المشتركة بينها من الطبيعة الإلهية ووجوب الوجود كما هو واضح. فيكون كل من الأفراد مركبا من الطبيعة المشتركة - ومائزه الطبيعي فيكون محتاجا إلى أجزائه وإلى فاعل يؤلفها ويركبها فلا يكون كل منها واجب الوجود.
لا أراك تقول كما قيل إن المائز بين الأفراد هو نفس الطبيعة المشتركة بينها.
ألا تدري أن الذي يتراءى سرابه للخيال من هذا الفرض الموهوم هو فرص شدة القدر المشترك في بعض الأفراد وضعفه في البعض الآخر قياسا فاسدا على مثل امتياز السوادين بالشدة والضعف وامتياز كثير الشيئين من قليلهما.
كيف يخفي عليك أن تحقق الأشدية والأضعفية والاختلاف بهما يتوقف على امتياز الأفراد ولو من حيث المكان والمقدار والحدود ثم يتحقق الامتياز بالشدة والضعف.
أو هل تقول: إن المائز بين أفراد الآلهة المتعددة إنما هو معلول لأمر طبيعي.
فنقول من الواضح الجلي أنه لا بد من أن يكون في التعليل الطبيعي ارتباط طبيعي بين وجود العلة الخاصة ومعلولها الخاص فلا بد إذن من أن تكون علة المائز في هذا الفرد غير علة المائز في الفرد الآخر فيلزم على