الحرب فزاد طغيانهم لما أمنوا جانبه، فأراد أن يرهبهم بالقوة والمنعة، ويهددهم بالتعرض لسبيل تجارتهم إلى الشام لكي تلجئهم الضرورة الاقتصادية وحاجتهم لتجارة الشام إلى الكف عن ضلالهم في اضطهاد المؤمنين بمكة ومنعهم عن الهجرة والفرار بدينهم. فندب إلى ذلك بعض أصحابه فنهض منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا على أضعف عدة لم يكن معهم إلا سبعون بعيرا يتعاقبون عليها وأسياف قليلة. فقصدوا قافلة قريش المقبلة من الشام. فسمع بذلك رئيس القافلة أبو سفيان وأرسل إلى مكة يستصرخ قريشا لتخليصها فخرجوا بعدة كاملة من الخيل والسيوف والدروع وكانوا نحو ألف رجل. واتفق أن قافلة قريش نجت من أصحاب (محمد) ولكن قريشا لم يكتفوا بنجاة قافلتهم، بل قصدوا محمدا وأصحابه اغترارا بكثرة عددهم وقوة عدتهم. وقد منعهم عقلاؤهم عن قصد (محمد) فلم يقبلوا حتى اجتمعوا مع المسلمين في مكان يسمى (بدرا) وابتدأوا بالقتال. فانتصر المسلمون انتصارا باهرا وقتلوا من صناديد قريش سبعين وأسروا سبعين ورجعت قريش إلى مكة بالانكسار.
غزوة بني القينقاع ولما قدم (محمد) في هجرته إلى المدينة رأى موقع الاسلام والمسلمين بين اليهود خطر، فإنهم كانوا محدقين بالمدينة وهم بنو النضير وبنو قريضة، وبنو قينقاع، فكان أول أعمال (محمد) في هجرته أنه عاهد هؤلاء اليهود على السلم وأمانة الجوار وأن لا يكيدوا المسلمين ولا يخونوهم ولا يساعدوا عليهم عدوا.
ولكن بني قينقاع غدروا بعد وقعة بدر وصاروا يكاتبون المشركين وأنشبوا حربا بينهم وبين المسلمين فغزاهم محمد وانتصر عليهم فطلبوا النجاة بالجلاء عن بلادهم فسمح لهم بذلك.
حرب أحد ثم تجمعت قريش بعدتها وعديدها وغزوا (محمد) وأصحابه إلى