الأرض اليابسة وانظر إلى مسكننا الأرض كيف قد مهد الكثير منها للسكنى والزراعة واختلفت أوضاع الباقي للقيام بلوازم العمران ودوام الراحة في المسكون وتعديل لوازمه، وكيف جعل تفجر العيون من الأعالي لكي يتهيأ عموم الري، وأمدتها الأمطار لإكمال النفع.
أفلا تنظر إلى سيول الأمطار وذوبان الثلوج وجري الأنهار الكبيرة، كم تحمل من الجبال والوهاد في سيلها الجارف من الأطيان والصخور على مر الدهور والأحقاب وتقذفه في البحار على وجه لو أهملت العناية إصلاح هذا الحال وتداركه لاضمحلت الجبال والهضبات وملأ الطين أعماق البحار والخلجان فاستولى الماء على المسكون.
وها أنت وكل الناس تعلمون أن الجبال. والهضبان، والبراري والوديان والبحار والخلجان على حالها منذ زمان يبلغه التاريخ بجهده.
وهذه الآية الكبيرة التي يكفي العاقل فيها أقل تنبيه قد أشار إليها القرآن الكريم واستلفت العقول إلى أعجوبتها وحجتها بقوله تعالى في سورة الذاريات المكية في الآية الثامنة والأربعين (والأرض فرشناها فنعم الماهدون).
وقوله في الآية الثانية والثلاثين من سورة النازعات المكية.
(والجبال أرساها) وحفظ وضعها ومهاد الأرض بأسباب القدرة وآثار الحكمة ورعاية الغايات بإتقان ماهد لا تغفل عنايته عن رعاية دام المهاد ورسو الجبال في مراكزها على الناموس الذي تقوم به غايات خلقها ونعمة منافعها فلا تقوى العوارض والكوارث على تغيير هيئة هذا المهاد وهذه الجبال.
بل لا تزال العناية في تعديل وضعها وحفظ صورتهما النافعة.
والمظنون أن المستخدم المسخر في هذا التعديل هي النار السيارة في