ودارت بهم زوابعه بين نظريات الجواهر الفردة وزوابع الأثير أو تكاثفه..
وورطهم انهماكهم هذا أيضا في تعليل وجود هذا العالم (بالصدفة) والإيجاد بلا شعور ولا قصد للغاية. فراغموا وجدانهم فيما لهذا العالم وأجزائه من الخصائص الجليلة والحكم الباهر والمقاصد الكثيرة والنظام العجيب المتقن في أحواله وأدواره ومواليده هذه الأمور التي تنادي بالخلق على الحكمة وقصد الغاية. ولا يرضون بالصدفة لما دون ذلك كما مر في صحيفة 57 و 58 و 102 و 103 و 128 يتشامخون في غرورهم بالعلم والشعور لأجل اكتشاف يسير من نواميس الخلق. ويفرطون بجحود العلم والشعور لخالق العالم ونواميسه التي لا يكون سير العلم البشري في ميدانها الأقصر خطوة.
وأما المتدينون فمنهم من أقحمه جهله فيما لا سبيل إليه من معرفة الحقيقة الإلهية إذ كان السير في جادة الدلائل الحقيقية يحدد معلوماته ويعرفه قصوره عن الخوض في لجج هذا التيار العظيم بما عنده من مقدمات العلم البشري الصحيح فغالطته أوهامه بخيالات دلائل تقحمه أخطار الجهل المركب وتمنيه زورا بالامتياز بالوصول إلى أسرار العرفان فخبط وتاه ورجع القهقرى في لوازم مزاعمه عن قوله بوجوب الوجود وعلم الله وخلقه بالإرادة وحقيقة توحيده.
ومن الناس من يتدلس باسم التدين ويمشي وراء غروره وتشامخه ولا ترضى غواية تكبره إلا بدعوى مقام الألوهية. فيغالط بمقدمات أسسها غيره لكي يبني عليها دعواه من الحلول والاتحاد والولادة من الله.
ومنهم من لا يطمع في تأسيس دعوى لنفسه ولا يقدر أن يدلس نفسه إلا بتابعية غيره من الناس فيغالي بمتبوعه ويرفعه إلى مقام الإلهية لكي يتشامخ هو إلى أعلى مراتب البشر من الرسالة والنبوة ونحوهما.
الدكتور: اللازم على الإلهيين في سيرهم على جادة وجوب الوجود أن يكون الإله الواجب الوجود في منتهى ما يتصور من بساطة الذات وعدم التركيب بجميع ما يتصور من أنحاء التركب فليس فيه جهة