المضار التي لا صبر له عليها.
عمانوئيل: يا شيخ قد أكثرت في إيضاح أمور واضحة تشهد بها الفطرة، وقد أكثرت اشتياقنا إلى غرضك من هذا البيان والإيضاح.
الشيخ: الغرض من ذلك أن نوضح أن القرآن الكريم احتج على الإلهية بحجة أشار فيها إلى هذه المقدمات التي لا ينبغي للانسان أن يغفل عنها مع أنها مكشوفة له بحسب الفطرة والوجدان وعمله في جميع أحواله. وأتم القرآن احتجاجه ببيان الدلالة على أن موجد العالم وعلته عالم بالغايات قد أوجد الكائنات لأجل غاياتها على الحكمة الباهرة والنظام الفائق ونبه على جميع المقدمات بالانكار والتوبيخ على الشك الذي لا محل له مع هذه المقدمات الواضحة الوجدانية والمشاهدات العيانية.
فقال جل وعلا في الآية العاشرة من سورة إبراهيم المكية.
(أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) ولماذا يشك الانسان. فهل يصح له أن يبقى على شكه لأنه أعرض بجهله عن النظر وطلب الحقيقة في أمر المعرفة. كيف يعرض وهو مهدد بالعذاب الإلهي، وبفوات مصلحة الشريعة الإلهية ومصلحة تهذيب أخلاقه وتكميله، أوليس من الضروري الفطري أنه لا ينبغي لذي رشد أن يستقر على خوف الضرر العظيم حتى يأمن ويطمئن بنتيجة النظر الصادق.
وليس النظر في هذا الشأن محتاجا إلى نظم مقدمات وأقيسه متعددة كما ينظر الانسان في صحة إشكال المقالة الثالثة من أصول الهندسة لاقليدس. لا. وكلا.
بل إن مقدمات هذا النظر مكشوفة لعيان الانسان ووجدانه في جميع أحواله بأوضح انكشاف يرغم النفوس الحرة على الاذعان بالحقيقة - فهل يغيب عن الانسان ما يشاهده بالعيان ويعرفه بعلم اليقين من عالم السماوات والأرض وما فيهما ووجود نفسه ونوعه وسائر الأنواع فكم يرى