لماذا عدلت عن الحقيقة إلى المستحيلات ونكصت عن الجادة إلى التيه وعن المنهل إلى السراب. أين أساسياتك في الإلهية. أم أين الاستقامة في الشعور؟
هذا حال الانسان الأثيم وقد احتج عليه إله الحق ووبخه على التقهقر التعيس في النكوص إلى تيه الضلال من نصف الطريق الواضح.
فقال جل اسمه في الآية السابعة والثمانين في سورة الزخرف المكية:
(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) جريا على فطرتهم في الوقوف بتعليل الخلق على واجب الوجود الذي اسمه المقدس الخاص به في العربية (الله) كما يسمى في كل لغة باسم خاص به مقدس.
فإنه مهما غاب عن الانسان شئ فإنه لا يغيب عنه كونه حادثا بعد عدمه ينادي وجود مجموعه وأجزائه بخلقته على الحكمة وقصد الغاية.
فلا بد له من تعليل وجوده بخلقة الله إذن (فأنى يؤفكون) ومن أين جاءهم إفك الضلال بتعدد الآلهة وكيف يجمعون بين الانخداع لإفك الشرك وتقديس الله بوجوب الوجود والكمال الإلهي:
وقال تعالى في سورة العنكبوت المكية الآية 61 و 63: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله) على نعمه وظهور الحق وقيام الحجة ولله الحجة البالغة (بل أكثرهم لا يعقلون).
وجاء نحو هذا الاحتجاج أيضا في الآية الرابعة والعشرين من سورة لقمان المكية، والتاسعة والثلاثين من سورة الزمر المكية.. وقال جل اسمه في سورة النمل المكية من الآية التاسعة والخمسين إلى السادسة والستين (الله) الذي يعرفونه ويعترفون بأنه الإله الخالق (خير أم ما يشركون) ويجعلونه إلها مع الله مما لا يقدرون أن يجعلوه واجب الوجود. بل ينتج من ضلال شركهم وقولهم بتعدد الآلهة أنهم لا يقدرون أن يصفوا واحدا