أدواره ودهوره. هل تقولون إنهم مشتركون في كل خلق، وفي كل عمل وفي كل تدبير في جميع العالم وفي جميع العالم وفي جميع الأحوال وجميع الأزمان.
مهما تنزلنا إلى المحال وتساهلنا في وجوب الوجود واستقامة التعليل فلا بد في فرض تعدد الآلهة من أن يكون كل واحد من الآلهة الموهومة غير كامل في مقام الإلهية. وذلك لأجل احتجابه عن الكمال الإلهي بالجزء المميز له عن الفرد الآخر.
ذلك الجزء الذي لا يمكن أن يكون من مقام الإلهية لأنه لو كان من مقام الإلهية المشتركة لما كان مميزا في اشتراكها.
إذن فلا بد من أن تختلف علوم هذه الآلهة وأميالها وإرادتها وقدرتها ورحمتها وغضبها وعدلها بحسب طباع تلك الأجزاء المميزة المتباينة.
والمفروض أنهم ليس لكل منهم كمال إلهي تام يوحدهم.
ولا عليهم سلطة سياسة تنظم أمرهم، ولا تسديد من تسديد إله كامل في الإلهية فوقهم، ولا حاجة في كيانهم وبقاءهم إلى مخلوقهم واستقامة نظامه وبقائه لكي يحافظوا على ذلك فيتنازل كل منهم عن معلوماته وأمياله وإراداته وأعمال قدرته ورحمته وغضبه فينقاد إلى جهل صاحبه وضعفه وتساهله أو شدته. ولا تهديد يلجئهم إلى هذا التنازل لأجل التحزب وعقد الجمهورية الزمنية للمحافظة على كيان اجتماعهم من خطر التهديد المحدق بهم.
وعلى هذا فإن فرضناهم مشتركين في خلق جميع العالم وجميع مخلوقاته وتدبيره في أطواره وانتظامه في أدواره لم يستقم للعالم نظام ولا للموجودات بقاء ولا للطبائع والجبلات ناموس.
وهذا هو مرمى الاحتجاج بقوله تعالى في الآية الثانية والعشرين من سورة الأنبياء المكية: (لو كان فيهما) يعني السماء والأرض (آلهة إلا الله لفسدتا) أي غير الله يكونون آلهة مثله وفي قباله بدون أن تكون